السبت، 25 أكتوبر 2014

إجابة على تساؤلات ورد على افتراءات -2 -

إجابة على تساؤلات ورد على افتراءات - 2 -
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، ومن والاه ؛؛؛ أما بعد:
فهذا هو الجزء الثاني من ردي على أحد الكذابين المتعالمين؛ أجيب فيه على بعض ما نسبه إلى زوراً وبهتاناً، وظلماً وعدواناً؛ فأقول مستعيناً بالله:
قوله: "وغاية ما ورد عن الإمام أحمد رحمه الله؛ أنه لما بلغته مقالة أبي ثور؛ قال معنفاً له: "من رد حديث الصورة فهو جهمي"؛ فهل يفهم عاقل فضلاً عن طالب علم أن الإمام أحمد يصف أبا ثور بأنه مبتدع؟ فإن كان الأمر كذلك فلماذا لم يحذر منه، ويذكره بالاسم؛ كما فعل مع الكرابيسي، والمحاسبي؟
هذا مع أن الإمام أحمد قد أثنى على أبي ثور في غير موضع, ومن ذلك قوله عنه: "هو عندنا في مسلاخ الثوري"، وقال أبو بكر بن الأعين: "سألت أحمد عن أبي ثور؛ فقال: "أعرفه بالسنة منذ خمسين سنة، وهو عندنا في مسلاخ الثوري". (بحر الدم)
ولما مات رحمه الله  حضر عبدالله بن أحمد جنازته؛ فلما عاد قال الإمام أحمد: أين كنت؟ قال: في جنازة أبي ثور؛ فقال: رحمه الله إنه كان فقيهاً. (تاريخ بغداد 6/65)
فهذا يدل على أن أحمد رحمه الله؛ لم يبدع أبا ثور؛ وإنما خطَّأه؛ فليتنا نتعلم ذلك من الأئمة الأكابر الذين يخطئون، ولا يطلقون الألسن بالطعن والتبديع في أهل العلم السلفيين.
وأما قوله عن أبي ثور: "هو كاسمه وإن شئت فاقلبه"؛ فهذا إنما في قوله بجواز نكاح نساء المجوس؛ كما جاز أخذ الجزية منهم, وقد بسط ذلك الإمام ابن القيم في كتابه "أحكام أهل الذمة"؛ فليراجع.
الجواب:
أولاً: سبق وقلت: لو أمسك الجاهل عن الكلام؛ لقل الخلاف؛ فمالك أنت، ولهذا الكلام؛ دعه لأربابه حتى لا يضحك الناس عليك.
ثانياً: قولك: "وغاية ما ورد عن الإمام أحمد رحمه الله؛ أنه لما بلغته مقالة أبي ثور؛ قال معنفاً له: "من رد حديث الصورة فهو جهمي".
يدل على تعالم واضح، وجهل فاضح؛ لأن الإمام أحمد رحمه الله بدعه بالفعل؛ ثم لما رجع أبو ثور رحمه الله عن قوله، وتاب منه؛ قال أحمد فيه؛ ما نقلته أنت عن ابنه عبدالله.
قال له الإمام أحمد: أي صورة كانت لآدم يخلقه عليها؟ كيف تصنع بقوله: (خلق الله آدم على صورة الرحمن)؟ فاعتذر إليه وتاب بين يديه. (نفح الطيب 5/290)
فلو قرأت ما كتبتهُ بهذا الصدد؛ لأرحت واسترحت؛ لكن يبدو أن الذي أملى عليك هذه المسألة؛ أخفى عنك ذلك؛ حتى يوقعك في شر أعمالك، ويظهر جهلك، وضلالك؛ فإنه قد قرأ مقالتي، وسألني عما وقعت أنت فيه بحمقك، وخبالك.
ثم هل لا بد أن ينص على أنه مبتدع؟
إن كان كذلك؛ فهل نص أحمد على تبديع الحارث؛ مثلاً؟
قل ما يذكر الأئمة؛ لفظة: مبتدع؛ بل الأغلب عليهم الرمي بالنحلة.
لذا قال أحمد عن الحارث: جهمي.
وقال عن مسعر: مرجئ.
وهكذا.
فالرمي بالنحلة أو المذهب؛ أشد من الرمي بالبدعة.
ثم ما الذي تفيده كلمة جهمي؛ إلا إذا كان الجهمي - عندك - ليس مبتدعاً.
فهذا جواب على قولك: "فهل يفهم عاقل؛ فضلاً عن طالب علم؛ أن الإمام أحمد يصف أبا ثور بأنه مبتدع؟".
وإظهار لجهلك، وتعالمك.
قولك: "فإن كان الأمر كذلك؛ فلماذا لم يحذر منه، ويذكره بالاسم؛ كما فعل مع الكرابيسي، والمحاسبي؟
ما زلت أضحك على جهلك وجرأتك، ومع هذا أقول لك: نعم؛ ذكره أحمد، وحذر منه، وقال: "هذا جهمي لا تقربوه".
قال إبراهيم بن أبان الموصلي: "سمعت أبا عبدالله، وجاءه رجل؛ فقال: إني سمعت أبا ثور يقول: إن الله خلق آدم على صورة نفسه؛ فأطرق طويلاً ثم ضرب بيده على وجهه؛ ثم قال: هذا كلام سوء، هذا كلام جهم؛ هذا جهمي لا تقربوه"اهـ (طبقات الحنابلة 1/35)
وقال زكريا بن الفرج: "سألت عبدالوهاب الوراق غير مرة عن أبي ثور؛ فأخبرني أن أبا ثور جهمي، وذلك أنه قطع بقول أبي يعقوب الشعراني؛ حكى أنه سأل أبا ثور عن خلق آدم على صورته؛ فقال: إنما هو على صورة آدم؛ ليس هو على صورة الرحمن؛ قال زكريا: فقلت بعد ذلك لعبدالوهاب: ما تقول في أبي ثور؟ فقال: ما أدين فيه إلا بقول أحمد بن حنبل؛ يهجر أبو ثور ومن قال بقوله؛ قال زكريا وقلت: لعبدالوهاب مرة أخرى، وقد تكلم قوم في هذه المسألة - خلق الله آدم على صورته - فقال: من لم يقل: إن الله خلق آدم على صورة الرحمن؛ فهو جهمي"اهـ (طبقات الحنابلة 1/83)
قولك: "الطعن على الحافظ ابن حجر والنووي، وتبديعك لهما، وهذا معروف عنك، ولو طالعت أشرطتك في شرح صحيح مسلم؛ لرأيت أنك تبدعهما صراحة، وتنصح الطلاب بعدم قراءة كتبهما؛ مع أنك لا تخرج في شرحك عما قرره النووي في شرحه على صحيح مسلم!".
أتانا أن سهلاً ذم جهلاً .... علوماً ليس يدريهن سهل
علوماً لو دراها ما قلاها .... لكن الرضا بالجهل سهل
أما زلت تصر على هتك سترك، وإظهار جهلك.
بل وتتبجح وتعيرني بذلك!
نعم أبدعهما، وأبدع من لا يبدعهما.
ما الذي قرره النووي في شرحه، وتفرد به؛ حتى تقول: (لا تخرج في شرحك عما قرره النووي في شرحه على صحيح مسلم)
سبق بيان حال المومى إليهما، وذكر بدعهما؛ في مقالتي ( الحجي والنووي وابن حجر والذهبي والألباني وربيع والوادعي) فطالعها علك تخرس.
قولك: "ومن المعلوم أن محموداً الحداد؛ كان يبدع النووي وابن حجر ويوصي أتباعه بإحراق كتبهما، وقد أحرقوا فتح الباري بالمدينة النبوية؛ فما هو الفارق بين فعلك، وفعلهم؟
أولاً: أنت بذا تمدح الحداد من حيث تريد ذمه؛ كما فعلت معي، وهذا من مكر الله بك.
ثانياً: من أين عرفت أنه كان يوصي أتباعه بإحراق كتبهما؟
ليس أمامك إلا أحد أمرين:
إما أن تثبت أن هذا قد وقع منه بالفعل، ودونك خرط القتاد.
أو أنك تهرف بما لا تعرف.
فيا لك من ببغاء     عقلك في أذنيك
فأنت لا تعرف الحداد، ولم تقرأ له، ولا تعرف عنه إلا ما قاله ربيع، وأزلامه، وهم كاذبون مفترون؛ عليهم من الله ما يستحقون.
ومع هذا؛ فدعنا نجاريك لنرى ما عندك.
هب أن الحداد أمر أتباعه بحرق كتب النووي وابن حجر؛ فهل يلام على ذلك؟
أليس من أصول السنة؛ ترك النظر في كتب أهل البدع، والتحذير منها، ووجوب إتلافها؛ مع كونها لا تخلو - في الغالب - من حق؛ لكن هذا الحق ممتزج بباطل؛ أما كتب أهل السنة؛ ففيها الحق المحض الذي لا كدر فيه؛ لأنه مأخوذ من الكتاب والسنة، وبفهم سلف الأمة؛ فمن ثم وجب المصير إليها، وترك ما عداها.
وقد تكاثرت أقوال الأئمة في تقرير هذا الأصل، والتأكيد عليه؛ من ذلك:
1-            قال سعيد بن عمرو البرذعي: "شهدت أبا زرعة، وسئل عن الحارث المحاسبي، وكتبه؛ فقال للسائل: إياك وهذه الكتب؛ هذه كتب بدع وضلالات؛ عليك بالأثر؛ فإنك تجد فيه ما يغنيك عن هذه الكتب؛قيل له: في هذه الكتب عبرة؛ قال: من لم يكن له في كتاب الله عبرة؛ فليس له في هذه الكتب عبرة؛ بلغكم أن مالك بن أنس، وسفيان الثوري، والأوزاعي، والأئمة المتقدمين؛ صنفوا هذه الكتب في الخطرات، والوساوس، وهذه الأشياء؟ هؤلاء قوم خالفوا أهل العلم؛ يأتونا مرة بالحارث المحاسبي، ومرة بعبد الرحيم الديبلي، ومرة بحاتم الأصم، ومرة بشقيق؛ ثم قال: ما أسرع الناس إلى البدع"اهـ (تاريخ بغداد 8/211)
2-            وقال عبدالله بن أحمد: "سمعت أبي يقول: سلام بن أبي مطيع من الثقات؛ حدثنا عنه ابن مهدي. ثم قال أبي: كان أبو عوانة وضع كتاباً فيه معايب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيه بلايا؛ فجاء سلام بن أبي مطيع؛ فقال: يا أبا عوانة؛ أعطني ذاك الكتاب؛ فأعطاه؛ فأخذه سلام فأحرقه. قال أبي: وكان سلام من أصحاب أيوب، وكان رجلا صالحاً"اهـ (العلل ومعرفة الرجال 1/60)
3-            وقال الفضل بن زياد: "بلغني عن سلام بن أبي مطيع؛ أنه جاء إلى أبي عوانة؛ فاستعار منه كتاباً كان عنده فيه بلايا؛ مما رواه الأعمش؛ فدفعه إلى أبي عوانة؛ فذهب سلام به فأحرقه؛ فقال رجل لأبي عبدالله: أرجو أن لا يضره ذلك شيئاً إن شاء الله؟ فقال أبو عبدالله: يضره؟! بل يؤجر عليه إن شاء الله"اهـ (السنة للخلال 1/511)
4-            وقال حرب الكرماني: "سألت إسحاق يعني ابن راهويه؛ قلت: رجل سرق كتاباً من رجل؛ فيه رأي جهم، أو رأي القدر؟ قال: يرمي به؛ قلت: إنه أخذ قبل أن يحرقه، أو يرمي به؛ هل عليه قطع؟ قال: لا قطع عليه؛ قلت لإسحاق: رجل عنده كتاب؛ فيه رأي الإرجاء، أو القدر، أو بدعة؛ فاستعرته منه؛ فلما صار في يدي أحرقته، أو مزقته؟ قال: ليس عليك شيء"اهـ (السنة للخلال 1/511)
5-            وقال أبو منصور معمر بن أحمد: "من السنة: ترك الرأي، والقياس في الدين، وترك الجدال والخصومات، وترك مفاتحة القدرية، وأصحاب الكلام، وترك النظر في كتب الكلام"اهـ (الحجة في بيان المحجة 1/252-253)
6-            وقال ابن قدامة: "ومن السنة: هجران أهل البدع ومباينتهم، وترك الجدال والخصومات في الدين، وترك النظر في كتب المبتدعة، والإصغاء إلى كلامهم"اهـ (لمعة الاعتقاد ص 41)
7-            وقال ابن القيم: "وكذلك لا ضمان في تحريق الكتب المضلة، وإتلافها. قال المروذي: قلت لأحمد: استعرت كتاباً فيه أشياء رديئة؛ ترى أن أخرقه أو أحرقه؟ قال: نعم. وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم؛ بيد عمر كتاباً اكتتبه من التوراة، وأعجبه موافقته للقرآن؛ فتمعر وجه النبي صلى الله عليه وسلم؛ حتى ذهب به عمر إلى التنور فألقاه فيه. فكيف لو رأى النبي صلى الله عليه وسلم؛ ما صنف بعده من الكتب التي يعارض بعضها ما في القرآن والسنة؟ والله المستعان. وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم؛ من كتب عنه شيئاً غير القرآن أن يمحوه؛ ثم أذن في كتابة سنته، ولم يأذن في غير ذلك. وكل هذه الكتب المتضمنة لمخالفة السنة؛ غير مأذون فيها؛ بل مأذون في محقها وإتلافها، وما على الأمة أضر منها، وقد حرق الصحابة جميع المصاحف المخالفة لمصحف عثمان؛ لما خافوا على الأمة من الاختلاف؛ فكيف لو رأوا هذه الكتب التي أوقعت الخلاف والتفرق بين الأمة. وقال الخلال: أخبرني محمد بن أبي هارون أن أبا الحارث حدثهم؛ قال: قال أبو عبدالله: أهلكهم وضع الكتب؛ تركوا آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقبلوا على الكلام. وقال: أخبرني محمد بن أحمد بن واصل المقري؛ قال: سمعت أبا عبدالله، وسئل عن الرأي؟ فرفع صوته؛ قال: لا يثبت شيء من الرأي؛ عليكم بالقرآن والحديث والآثار. وقال في رواية ابن مشيش: إن أبا عبدالله سأله رجل؛ فقال: أكتب الرأي؟ فقال: ما تصنع بالرأي؟ عليك بالسنن فتعلمها، وعليك بالأحاديث المعروفة. وقال عبدالله بن أحمد: سمعت أبي يقول: هذه الكتب بدعة وضعها. وقال إسحاق بن منصور: سمعت أبا عبدالله يقول: لا يعجبني شيء من وضع الكتب؛ من وضع شيئاً من الكتب؛ فهو مبتدع. وقال المروذي: حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي؛ حدثنا حماد بن زيد؛ قال: قال لي ابن عون: يا حماد، هذه الكتب تضل. وقال الميموني: ذاكرت أبا عبدالله خطأ الناس في العلم؛ فقال: وأي الناس لا يخطئ؟ ولا سيما من وضع الكتب؛ فهو أكثر خطأ. وقال إسحاق: سمعت أبا عبدالله، وسأله قوم من أردبيل عن رجل يقال له: عبد الرحيم؛ وضع كتاباً. فقال أبو عبدالله: هل أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فعل ذا؟ أو أحد من التابعين؟ وأغلظ وشدد في أمره، وقال: انهوا الناس عنه، وعليكم بالحديث. وقال في رواية أبي الحارث: ما كتبت من هذه الكتب الموضوعة شيئاً قط. وقال محمد بن زيد - كذا في الأصل. والصواب (يزيد) - المستملي: سأل أحمد رجل؛ فقال: أكتب كتب الرأي؟ قال: لا تفعل، عليك بالحديث والآثار؛ فقال له السائل: إن ابن المبارك قد كتبها، فقال له أحمد: ابن المبارك لم ينزل من السماء، إنما أمرنا أن نأخذ العلم من فوق. وقال عبدالله بن أحمد: سمعت أبي، وذكر وضع الكتب؛ فقال: أكرهها، هذا أبو فلان وضع كتاباً؛ فجاءه أبو فلان فوضع كتاباً؛ وجاء فلان فوضع كتاباً؛ فهذا لا انقضاء له؛ كلما جاء رجل وضع كتاباً، وهذه الكتب وضعها بدعة؛ كلما جاء رجل وضع كتاباً، وترك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه؛ ليس إلا الاتباع والسنن، وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأصحابه. وعاب وضع الكتب، وكرهه كراهة شديدة. وقال المروذي في موضع آخر: قال أبو عبدالله: يضعون البدع في كتبهم؛ إنما أحذر عنها أشد التحذير؛ قلت: إنهم يحتجون بمالك؛ أنه وضع كتاباً؟ فقال أبو عبدالله: هذا ابن عون والتيمي ويونس وأيوب: هل وضعوا كتاباً؟ هل كان في الدنيا مثل هؤلاء؟ وكان ابن سيرين وأصحابه لا يكتبون الحديث؛ فكيف الرأي؟ وكلام أحمد في هذا كثير جداً؛ قد ذكره الخلال في كتاب العلم. ومسألة وضع الكتب؛ فيها تفصيل، ليس هذا موضعه، وإنما كره أحمد ذلك، ومنع منه لما فيه من الاشتغال به، والإعراض عن القرآن والسنة؛ فإذا كانت الكتب متضمنة لنصر القرآن والسنة، والذب عنهما، وإبطال للآراء والمذاهب المخالفة لهما؛ فلا بأس بها، وقد تكون واجبة ومستحبة ومباحة بحسب اقتضاء الحال، والله أعلم. والمقصود: أن هذه الكتب المشتملة على الكذب والبدعة؛ يجب إتلافها وإعدامها، وهي أولى بذلك من إتلاف آلات اللهو والمعازف، وإتلاف آنية الخمر؛ فإن ضررها أعظم من ضرر هذه، ولا ضمان فيها، كما لا ضمان في كسر أواني الخمر، وشق زقاقها"اهـ (الطرق الحكمية 275-277)
فإما أن يسعكم ما وسعهم، أو تعلنوا - صراحة - تبرأكم من منهجهم الظالم الغاشم؛ الذي يهدر الحسنات، ولا يقبل اعتذارات؛ بدلاً من أن تتخذوا بعض المعاصرين الذين يقولون بقولهم؛ سلماً للطعن في أئمة السلف، وفي منهجهم.
قال شيخ الإسلام والمسلمين الإمام ربيع المدخلي: "ولهذا كما أؤكد لكم: أنهم لا يريدون الكلام إطلاقاً في رؤوس البدع والضلال، ومن هنا أنشأوا منهج الموازنات بين الحسنات والسيئات؛ بعد ما يئسوا من سكوت أهل السنة؛ فأنشأوا منهج الموازنات حتى تمدح أئمتهم وتثني عليهم؛ ثم بعد ذلك تتكلم بما عندهم من الخطأ .. هم لا يريدون أن تقول: أخطأ سادتهم؛ لكن إذا كان لابد من الكلام؛ فوازن".
قولك: "ولم تخرج في ذلك عن كلام الحجي أيضاً، ومنهجه الجديد، وانتقاده منهج المتأخرين، والمفهوم من كلامك، وكلامه؛ أن المتأخرين بعد الإمام أحمد؛ قد تساهلوا وسكتوا عن أهل البدع والأهواء".
ليتهم تساهلوا، وسكتوا عن أهل البدع!
بل أغلقوا باب التبديع بالكلية، ونافحوا عن رؤوس البدع والضلال، واعتذروا لهم حتى جوزوا الاجتهاد في العقائد من أجلهم، ووصفوهم بالإمامة، وطعنوا فيمن يطعن فيهم، ويبين مخازيهم، ويطبق قانون السلف عليهم.
فلا مبتدع عندهم؛ بل لا مبتدع على وجه الأرض؛ إنما هي (ملاحظات ومؤاخذات وأخطاء وانحرافات)؛ فكل يؤخذ من قوله ويرد، وكل يخطئ، ويصيب، وكل مجتهد ومتأول، وكل قصد الحق وأراده، وهلم جرا من قواعدهم الشيطانية.
ودونك شيئاً من أصولهم المخترعة، وقواعدهم المفترعة؛ علك ترعوي وترجع عن غيك.
الألباني:
1-            قال: "بدعة مكفرة، ومفسقة؛ هذا كلام غير صحيح؛ منشؤه من علم الكلام".
2-            وقال: "إذا وجدنا في بعض عبارات السلف؛ الحكم على من واقع بدعة بأنه مبتدع؛ فهو من باب التحذير، وليس من باب الاعتقاد".
3-            وقال: "إذا إنسان ضل، وهو قاصد الهدى؛ هذا مأجور".
4-            وقال: "ابن حزم جهمي جلد، ولكنه اجتهد فأخطأ؛ فله أجر واحد".
5-            وقال عن الترابي: "نظنه مبتدعاً، ولا نقول: إنه مبتدع".
6-            وسئل: إذا تمكن أهل السنة من إحضار ذلك الشخص، وإقامة الحجة عليه؛ فيما خالف فيه من جهل السنة، ومع ذلك أبى الرجوع إلى ما هم عليه من الحق؛ يُبدع، أو لا؟
فأجاب: إذا عاند وأصر فيبدع؛ أما إذا قال لم يظهر لي وجه الصواب فيما تقولون؛ بل هو يعكس ذلك عليهم، وهو يخطؤهم بدوره؛ فتبقى المسألة خلافية بينهم وبينه".
ابن عثيمين:
قال: يجوز الاجتهاد في العقيدة .. وابن عباس اجتهد في العقيدة .. وسيد قطب اجتهد في العقيدة.
ابن باز:
سئل: أرجو من سماحتكم أن تتفضلوا بابداء رأيكم حول مؤلفات: أبي الأعلى المودودي، وأبي الحسن الندوي، وسيد قطب؟
فأجاب: "كلها كتب مفيدة؛ كتب هؤلاء الثلاث .. كلها كتب مفيدة؛ فيها خير كثير، ولا تخلو من بعض الأغلاط؛ كل يؤخذ .. من قوله ويترك؛ ليسوا معصومين .. وهم رحمهم الله؛ قد اجتهدوا في الخير، ودعوا إلى الخير، وصبروا على المشقة في ذلك .. ".
عبدالعزيز آل الشيخ:
سئل: سماحة الشيخ؛ ما الفرق بين أحدية الوجود في تفسير الظلال، وفكرة وحدة الوجود الضالة؟
فأجاب: "يا إخواني تفسير سيد قطب في ظلال القرآن؛ هو كتاب ليس تفسير؛ لكنه قال: تحت ظلال القرآن؛ يعني كأنه يقول للمسلمين: هذا القرآن نظام الأمة تعيش في ظلاله، واستقوا من آدابه، وانهلوا من معينه الصافي، وأقبلوا بقلوبكم على القرآن لتجدوا فيه علاج لمشاكلكم، وحل قضاياكم، وتفريج همومكم؛ إلى آخره. والكتاب له أسلوب عال في السياق أسلوب عال؛ هذا الأسلوب الذي كتب به السيد كتابه؛ قد يظن بعض الناس بادئ بدء من بعض العبارات؛ أن فيها شركاً، أو أن فيها قدحاً في الأنبياء أو أن وأن .. ، ولو أعاد النظر في العبارة لوجدها أسلوبا أدبياً راقياً عالياً؛ لكن لا يفهم هذا الأسلوب إلا من تمرس في قراءة كتابه، والكتاب .. لا يخلو من ملاحظات؛ كغيره لا يخلو من ملاحظات، ولا يخلو من أخطاء؛ لكن في الجملة أن الكاتب كتبه منطلق غيرة وحمية للإسلام ..".
عبدالله بن قعود - عبدالرزاق عفيفي - ابن باز:
قالوا: "موقفنا من أبي بكر الباقلاني والبيهقي وأبي الفرج ابن الجوزي وأبي زكريا النووي وابن حجر وأمثالهم ممن تأول بعض صفات الله تعالى، أو فوضوا في أصل معناها؛ أنهم في نظرنا من كبار علماء المسلمين الذين نفع الله الأمة بعلمهم؛ فرحمهم الله رحمة واسعة، وجزاهم عنا خير الجزاء، وأنهم من أهل السنة فيما وافقوا فيه الصحابة رضي الله عنهم وأئمة السلف في القرون الثلاثة التي شهد لها النبي صلى الله عليه وسلم بالخير، وأنهم أخطأوا فيما تأولوه من نصوص الصفات، وخالفوا فيه سلف الأمة وأئمة السنة رحمهم الله؛ سواء تأولوا الصفات الذاتية، وصفات الأفعال؛ أم بعض ذلك".
الفوزان:
1-            قال: "أبو حنيفة؛ إمام من أئمة أهل السنة".
2-            وقال: "هو إمامنا وقدوتنا؛ يرضى من يرضى، ويغضب من يغضب".
3-            وسئل: ما هو رأي فضيلتكم في ظلال القرآن لسيد قطب؟
فأجاب: "ظلال القرآن ما هو تفسير، وإنما هو كلام في معنى القرآن، أو حول القرآن؛ يشبه التفسير الموضوعي اللي يسمونه التفسير الموضوعي؛ الذي يذكر حول الآيات كلام .. أما إنه تفسير يحلل الألفاظ، ويستنبط الأحكام، ويُورد الروايات كما في كتب التفسير؛ فهو ليس كذلك؛ فلا نُسميِّه تفسيراً، وهو لم يُسمِّهِ تفسيراً؛ فهو نفسه لم يسمه تفسيراً؛ إنما قال: في ظلالِ القرآن؛ يعني كلام في معنى القرآن؛ مما ظهر له رحمه الله؛ مما ظهر له. ويوافق على شيء، ويخالف في أشياء".
زيد المدخلي:
سئل: أحسن الله إليكم، يقول السائل: هل أبو حنيفة مبتدع، وهل يؤخذ قول من تكلم فيه من السلف؛ أو يؤخذ قول من اعتذر له من الخلف؟
فأجاب: "لا يقال ويقرر بأن أبا حنيفة مبتدع وضال؛ لا يجوز هذا الكلام؛ أبو حنيفة من الأئمة الأربعة؛ بل هو أكبرهم سناً، ولكن لا يسلم من الخطأ؛ لا يسلم من الخطأ أحد؛ ما وُجد أن أبا حنيفة أخطأ فيه؛ بأنه من أهل الرأي، لا يعتبر أنه يبيح الكلام فيه وأنه مبتدع؛ كما يفعل بعض الذين توسعوا في ذمه حتى عدلوا اسمه بدل أبي حنيفة؛ يقولون: أبو جيفة، وهذا حرام لا يجوز لهم التفوه به؛ فالمقصود أنه ما من أحد من الأئمة أو من أهل العلم غير الرسل والأنبياء؛ إلا وهو يقع في كلامه شيء من الخطأ، وهم يذكرون ذلك ويتبرؤون عن الخطأ؛ فما وجد عن أبي حنيفة من الخطأ يبين للناس ويُصحح، ولا يجوز أن يُذم أبو حنيفة، وأن يُشنع عليه، ويحذر الناس من فقهه؛ هذا لا يقوله أهل السنة؛ لا اليوم، ولا قبل اليوم".
صالح آل الشيخ:
قال: "أجمع أهل العلم على أن لا ينقلوا ما ذكر عن أبي حنيفة، وأن يذكروه بالخير والجميل؛ هكذا درج العلماء، وهي المدرسة الوسط التي ذكرها الطحاوي، وهو الذي عليه أئمة السنة، ولما جاء الإمام الشيخ محمد بن عبدالوهاب؛ أصل هذا المنهج في الناس، وأن لا يذكر أحد إلا بالجميل، وأن ينظر في أقوالهم وما رجحه الدليل؛ فيؤخذ به وأن لا يتابع عالم فيما أخطأ فيه وفيما زل؛ بل نقول: هذا كلام العالم، وهذا اجتهاده؛ حتى أتينا إلى أول عهد الملك عبدالعزيز رحمه الله لما دخل مكة، وأراد العلماء طباعة كتابة السنة لعبدالله بن الإمام أحمد، وكان المشرف على ذلك والمراجع له؛ الشيخ العلامة عبدالله بن حسن آل الشيخ رحمه الله تعالى رئيس القضاة إذ ذاك في مكة؛ فنزع هذا الفصل بكامله من الطباعة، فلم يُطبع لأنه من جهة الحكمة الشرعية كان له وقته وانتهى؛ ثم هو اجتهاد ورعاية مصالح الناس أن ينزع وأن لا يبقى، وليس هذا فيه خيانة للأمانة؛ بل الأمانة أن لا يجعل الناس يصدون عما ذكر عبدالله ابن الإمام في كتابه؛ من السنة والعقيدة الصحيحة؛ لأجل نقول نقلت في ذلك، وطبع الكتاب بدون هذا الفصل، وانتشر في الناس وفي العلماء؛ على أن هذا كتاب السنة لعبدالله بن الإمام أحمد؛ حتى طبعت مؤخراً في رسالة علمية أو في بحث علمي، وأُدخل هذا الفصل، وهو موجود في المخطوطات؛ أدخل هذا الفصل من جديد؛ يعني أُرجع إليه وقالوا: إن الأمانة تقتضي إثباته إلى آخره، وهذا لا شك أنه ليس بصحيح؛ بل صنيع العلماء - علماء الدعوة - فيما سبق من السياسة الشرعية، ومن معرفة مقاصد العلماء في تآليفهم، واختلاف الزمان والمكان والحال، وما استقرت عليه العقيدة، وكلام أهل العلم في ذلك؛ حتى صارت هناك تآليف تطعن في أبي حنيفة، وصار يقال: أبو جيفة، ونحو ذلك، وهذا لا شك ليس من منهجنا، وليس من طريقة علماء الدعوة، ولا علماء السلف؛ لأننا لا نذكر العلماء إلا بالجميل إذا أخطأوا؛ فلا نتابعهم في أخطائهم خاصة الأئمة هؤلاء الأربعة؛ لأن لهم شأناً ومقاماً لاينكر"اهـ
ربيع المدخلي:
1-            قال: "محمد عبده: عليه مؤاخذات؛ منها مخالفته لما عليه أهل السنة".
2-            وقال: "المفكر أبو الأعلى المودودي: عليه مآخذ شديدة".
وهذا غيض من فيض، وإلا فلو استقصيت كلامهم، وكلام غيرهم - في هذا الباب - لأتيتك بالشيء الكثير.
فليت شعري؛ أفي اتباع أئمة السلف يخافون الضلالة؟ أم في غير سنتهم يلتمسون الهدى؟!
قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: "يجيء قوم يتركون من السنة مثل هذا - يعني مفصل الإصبع - فإن تركتموهم جاءوا بالطامة الكبرى"اهـ (شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي 1/131)
وقال مالك رحمه الله: "إن حقاً على العالم أن يكون متبعاً لآثار من مضى قبله"اهـ (جامع بيان العلم وفضله 1/543-544)
وقال السجزي: "كل مدع للسنة؛ يجب أن يطالب بالنقل الصحيح بما يقوله؛ فإن أتى بذلك علم صدقه، وقبل قوله، وإن لم يتمكن من نقل ما يقوله عن السلف؛ علم أنه محدث زائغ، وأنه لا يستحق أن يصغى إليه، أو يناظر في قوله"اهـ (الرد على من أنكر الحرف والصوت ص 146)
وقال: "فأهل السنة: هم الثابتون على اعتقاد ما نقله إليهم السلف الصالح رحمهم الله عن الرسول صلى الله عليه وسلم أو عن أصحابه رضي الله عنهم فيما لم يثبت فيه نص في الكتاب ولا عن الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأنهم رضي الله عنهم أئمة، وقد أمرنا باقتداء آثارهم، واتباع سنتهم"اهـ (رسالة السجزي إلى أهل زبيد في الرد على من أنكر الحرف والصوت ص 145)
ولأنني أعرف أنك لن تقيم رأساً بما ذكرتُ لك من كلام أئمة السلف؛ إلا إذا جاءك من طريق إمامك (ربيع المدخلي)؛ فدونك بعض كلامه؛ حتى تعرف أنه - هو أيضاً - حدادي صرف؟!
1-            قال: "يعني أنت في بلد ما تجد من طلبة العلم إلا أهل البدع والضلال، ولا تجد من أهل السنة أحداً؛ فأنا أفضل لك الجهل مع سلامة الفطرة؛ على أخذ العلم من أهل البدع؛ اللهم إلا إذا كان هذا الشخص لا يدعو إلى بدعته إطلاقاً؛ فيمكن أن تأخذ منه مثل: النحو أو بعض العلوم؛ أما العقيدة؛ بل القرآن والحديث لا تأخذ منه؛ لأن الحديث قد دُون، والقرآن محفوظ ولله الحمد، وتفسيره موجود، ومحفوظ ولله الحمد"اهـ (الفتاوى 2/28)
2-            وقال: "فالشباب عليه الحذر من مخالطة أهل البدع؛ فلا يطلب العلم منهم، ولا يطلب عليهم؛ فو الله لأن يبقى جاهلاً سليم العقل والفطرة والقلب؛ خير له من أن يتعلم من صاحب الهوى؛ فتفسد عقيدته، ويفسد منهجه"اهـ (الفتاوى 1/301)
3-            وقال: "هذا الذي يتردد على مبتدع، أو يأخذ عن مبتدع، أو يقرأ في كتب أهل البدع ؛انصحه؛ فإن قَبِل، وإلا فألحقه بأهل البدع؛ هذا عمل السلف"اهـ (الفتاوى 1/304)
4-            وقال: "لا تقرأ في كتب أهل البدع لتستفيد"اهـ (الفتاوى 1/306)
5-            وقال: "وهذا يرجع إلى نفس المكيدة التي حكيتها لكم سابقا؛ اقرأ، وخذ الحق ودع الباطل، وأنت لا تميز بين الحق والباطل؛ فتقع في هوة الضلال .. تقرأ لأهل البدع؛ لا لتستفيد، إنما تقرأ لتعرف باطلهم فتحذر الناس منه"اهـ (الفتاوى 1/480-481)
6-            وسئل: هناك خطيب يذكر كلام بعض أهل البدع، ولا يُبين ضلال هذا الذي نقل عنه؛ فهل يجوز الاستدلال بكلامهم دون التحذير منهم؟
فأجاب: "هذا خطأ ينصح بتركه ،وينصح بطريقة السلف في إهمال أهل البدع، وإخماد فتنتهم"اهـ (الفتاوى 1/164)
7-            وسئل: هل يجوز أن نسمع أشرطة بعض الحزبيين، ونستفيد منها؟
فأجاب: "لا؛ لا تستمع لأشرطة الحزبيين؛ فضررها أكبر من نفعها؛ استفد من كتاب الله، ومن سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام، ومن كتب وأشرطة علماء السنة؛ لأن أهل الأهواء يدسون سمومهم بحيث لا ينتبه لها إلا الفطناء، وأما المساكين من طلاب العلم الصغار، ومن العوام فإن هذه السموم المدسوسة تسري في عقولهم وفي كيانهم من حيث لا يشعرون؛ فالحذر الحذر من السماع لأهل البدع، ومن السماع لأهل الأحزاب المنحرفة عن منهج الله الحق، وهم يحذرون من كتب الحق ومن كتب السنة فكيف ندعو إلى كتبهم وإلى أشرطتهم"اهـ (الفتاوى(1/52)
فقد ظهر لك الآن؛ أن الحدادية: هي منهج أئمة السلف من المتقدمين؛ كما هي منهج المتأخرين، وعلى رأسهم (ربيع المدخلي)!!
فهل بعد هذا؛ ستضع لسانك في سقف حنكك، وتبكي على جهلك؟ أرجو ..
قولك: "وأهدرت بهذه الفرية الباطلة بقية منهج السلف في الصبر على العلماء ومناصحتهم ولزوم الأدب مع الأكابر، ومراعاة أزمنة غربة السنة وأهلها .. إلى آخر القواعد السلفية التي لا تلتفت إليها".
من أين أتيت بهذا؟
ومن قال من أئمة السلف؛ بالصبر على المخالف؟
اذكر لنا واحداً فقط!
ومن منهم جعله قاعدة سلفية؛ فضلاً عن أن يكون منهجاً لهم؟!
ومن إمامك في هذا؛ غير زعيم المرجئة؛ الضال المضل (ربيع المدخلي)؟!
لقد قلت لك من قبل: إن السكوت أولى لك؛ فكلما تكلمت أغرقت في الضلال، والجهل، والخبال.
إن حكاية (الصبر على المخالف) افترعها ربيع وأتباعه؛ فلا يوجد في الكتاب والسنة ومنهج سلف الأمة؛ ما يدل؛ أو يشير أدنى إشارة؛ إلى هذه البدعة العصرية المسماة بالصبر على المخالف.
وإلا فلم لم يصبر السلف على أمثال: قتادة، وطلق بن حبيب، وأبي حنيفة، وابن أبي سليمان، وابن خازم، وواصل بن عطاء، ونافع بن الأزرق، ويعقوب بن شيبة، وأبي ثور، والحارث بن أسد، والحسن بن صالح، وعمر بن ذر، وابن أبي رواد، وعمرو بن مرة، وشبابة، وابن طهمان، ومسعر، والكرابيسي، والمحاسبي، وداود، وابن قيس الماصر، وابن أبي يحيى الأسلمي، وعلي بن الجعد، وغيرهم كثير جداً.
فهل ظلموهم لما تكلموا فيهم، وبدعوهم، وحذروا منهم؟
أين صبرهم عليهم، وترفقهم بهم؟
لم لم يعتذروا لهم؛ بأنهم كانوا متأولين أو مجتهدين - كما يقوله اليوم بعض المتعالمين من المرجئة - لا سيما، وهم أهل لذلك؟
لم لم يعتبروا أمانتهم، وديانتهم، وزهدهم، وورعهم، وحبهم للسنة، ونصرتهم لها، والرد على من خالفها، وقصدهم للحق، وتحريهم له، وغير ذلك من صفاتهم الطيبة التي امتلأت بها كتب السير، والتراجم.
فإما أنك - يا لكع - على ملة هي أهدى من ملتهم؛ أو أنك مفتتح - أنت وأشياخك - باب ضلالة.
ومن العجب أن يصلني قول كبيركم؛ لما بلغته الحجة، وأسقط في يده، وعرف أنه قد ضل في هذا الباب - وفي غيره –.
قال: يسعنا ما وسع العلماء! يقصد المعاصرين؛ الذين يحتج بهم، هو ومن معه؛ على صحة طريقته.
وقال أيضاً: إن دار الأمر على تقليد عماد فراج، وتقليد ابن باز وابن عثيمين والفوزان وغيرهم؛ قلدناهم بلا شك.
قلت: من لم يسعه منهج السلف؛ فلا وسع الله عليه.
وعلى كل حال؛ فليقلدهم عساهم ينفعونه.
قال ابن عبدالبر :
  يا سائلي عن موطن التقليد       خذ عني الجواب بفهم لب حاضـر
وأصغ إلى قولي ودن بنصيحتي       واحفظ عليَّ بوادري ونوادري
لا فرق بين مقلد وبهيمة         تنقاد بين جنادل ودعاثر


0 التعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.