السبت، 25 أكتوبر 2014

حديث الاستلقاء والرد على المداخلة

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، ومن والاه ؛؛؛ أما بعد:
فقد قال الشعبي رحمه الله: "ما اختلفت أمة بعد نبيها؛ إلا ظهر أهل باطلها على أهل حقها"اهـ (الحلية 4/313)
وصدق رحمه الله، وإلا لما رأينا هذا الظهور لرؤوس البدع والضلال: المدخلي وأتباعه، والحلبي وأتباعه، والمأربي وأتباعه، وفالح وأتباعه، والحجوري وأتباعه، وغيرهم من أكابر المجرمين؛ الذين يمكرون بأهل السنة، ويشبهون عليهم بانتحالهم السلفية، وردودهم على شركائهم في البدعة والضلالة.
وقد كان الأشاعرة شجاً في حلوق المعتزلة وغيرهم؛ حتى التبس حالهم على كثير من الناس؛ فظنوا أنهم لسان أهل السنة الناطق، وسيفهم المصلت، وهم بلاء وبيل، وشر مستطير.
وكذا كان غير واحد من المبتدعة؛ كإبراهيم بن طهمان؛ الذي كان شديداً على الجهمية وهو من كبار المرجئة، وشبابة بن سوار الذي كان شديداً على الرافضة وكان مرجئاً، وابن عقدة كان شديداً على الناصبة وكان رافضياً، والحاكم صاحب المستدرك كان شديداً على الكرامية وهو رافضي خبيث، وخارجة بن مصعب كان شديداً على الجهمية وكان مرجئاً، وغيرهم كثير.  
وهكذا المدخلي؛ فردوده على ابن قطب والقطبية؛ كردود هؤلاء على هؤلاء، وكردود حماد بن أبي سليمان على أبي حنيفة، وكلاهما مرجئ ضال.
بيد أن ردوده الأخيرة؛ نقض فيها هذه القاعدة؛ حيث وجهها إلى أهل السنة المحضة الذين يسميهم (حدادية) كي يموه على السذج، والمغفلين، ويروج على الجهال والمتعالمين.
ومن ذيول (المدخلي): كائن حي - ولا حياة - يتمتع بعقل نافر، وحمق وافر، وجهل عظيم، واعتقاد ذميم؛ كل همه إرضاء سيده (المدخلي) ولو على حساب دينه، وطلب الشهرة بالطعن في، والتشهير بي، وكان قبل ذلك؛ قد تمسح في الحجوري؛ فلم يجد بغيته؛ بل ضُرب على قفاه، وطُرد شر طردة، ولم يفلح ثناؤه على الألباني وتصحيح مذهبه في الإيمان، ولا تمسحه بالمدخلي والدعاء له ووصفه بالعلامة المجاهد، ولا تزلفه لإمام الثقلين الحجوري ووصفه بالعلامة، ولا دفاعه عن الجابري ورسلان وأحمد بازمول ومدح عقيدتهم وطريقتهم؛ في الإبقاء على ماء وجهه، وإعطائه رقماً في ذيل القائمة الألبانية المدخلية الحجورية؛ رغم معرفته بضلالهم وإرجائهم، وفسادهم وإفسادهم؛ فقد تعلم مني هذا، وأقرني عليه ردحاً من الزمن؛ بعد أن كنا نحسن الظن فيهم.
ومع هذا؛ فما زال الألباني، وربيع - عنده -: (إمامان)، والجابري ،والحجوري: (علامتان).
والأعجب من ذلك؛ أن يصبح بازمول: على معتقد السلف في الإيمان، ورسلان: شيخ سلفي فاضل.
والحقيقة أنه وجد أن ارتباطه بي؛ لن يحقق له ما يصبو إليه من الشهرة والمكانة، وأن التبعية التي كان عليها؛ لا تتناسب مع طموحاته؛ فاختار أن يكون مع الخوالف؛ فولى وجهه صوب الحجاورة؛ فنبذوه؛ فتوجه إلى المداخلة؛ فتجاهلوه.
هذا الكائن العجيب؛ الذي تعرى من كل خلق فاضل؛ نصب نفسه للدفاع عن المدخلي - الذي أفسد الدعوة السلفية - بعد أن رأى أن طريقة السلف لن تحقق له ما يريد، وأن الكذب والمين، واللعب على الحبلين، والتطاول على الشرفاء، والترويج للمبتدعة؛ وسيلة ناجعة وسريعة لتحقيق أهدافه؛ ومنها أن يصبح ]قيم دار السلف الصالح[.
هذا الكائن؛ الذي لو صدق الله لكان خيراً له؛ بينت - فيما مضى - شيئاً من جهله وتعالمه، وها أنذا أعيد الكرة؛ بيد أني أود - أولاً - التعقيب على صنو له في الجهل والضلال؛ بشأن تعليقه على مقالي ]إثبات صفة الصدر والذراعين لله تعالى[؛ فأقول مستعيناً بالله:
أولاً: نقل هذا (المتعالم الجهول) فقرة من كلامي؛ لا تفيد القارئ شيئاً، ولو كان عنده ذرة من صدق وشجاعة؛ لنقل مقالي كله، ولكن هذا لم يحدث؛ لأنه يعلم أن ما فيه حجة عليه، وعلى أمثاله من الجهلة المتعالمين، وعلى مولاه ]الإمامُ الفاضل، والعالِم الرَّاسخ، والمُصلِح النَّاصِح، والمشفِق النَّبيل، والثِّقة الحصِيف، والمحدِّث البارع، والذابُّ عن السُّنة المجاهد، أحد أذكياء العصر، ونُبهاء الوقت، وشُجعاء الزَّمان، ورؤوس أهل السُّنة والحديث «ربيع بن هادي عُمير المدخلي»؛ أعلى الله ذِكْره، وأمتع أهل السنة ببقائه، وحشره في زُمرة أوليائه، وصبَّره على أذى خلقه وعباده[، وأن إخوانه في الغي لا يستطيعون الرد العلمي عليه؛ فغايتهم الصراخ والعويل، والتشغيب والتهويل، والاحتجاج بأقوال شيوخهم من الجهمية الضلال، والمرجئة الجهال.
ثانياً: نقل عن محمد بن عبدالوهاب العقيل المدرس بالجامعة الإسلامية - محتجاً به - قوله: "غير أني وجدت روايات مقطوعة وموقوفة؛ تحدثت بشيء من التفصيل عن مادة خلق الملائكة؛ منها: ما رواه الإمام عبدالله بن الإمام أحمد في (السنة)، وأبو الشيخ في (العظمة) وغيرهما؛ عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما؛ قال: «خلق الله عز وجل الملائكة من نور الذراعين والصدر»، وهذا الأثر قد تكلم عليه العلماء، وبينوا أنه لا يصح، وأن الاحتجاج بمثله في العقائد؛ غير صحيح؛ قال البيهقي رحمه الله تعالى .."اهـ
فهتك ستره من حيث لا يدري؛ حيث أظهر جهله، وجرأته، وأن العلماء عنده؛ رجل واحد؛ ليس إلا! هو البيهقي تلميذ ابن فورك.
وأن البيهقي الجهمي؛ أعلم بالله وبما يليق به، وما لا يليق؛ من عبدالله بن عمرو الصحابي، وأحمد بن حنبل الإمام، وبقية أئمة أهل السنة وحفاظها؛ الذين رووا هذا الحديث، واحتجوا به، وساقوه في مقام الرد على الجهمية.
وأن المداخلة أفطن وأفهم، وأجل وأعلم؛ من الأئمة الذين لم يتكلموا فيه، وسكتوا عنه، وأمروه كما جاء؛ مثلما كانوا أفطن وأفهم وأعلم من أهل السنة - قاطبة - الذين رووا أحاديث الشفاعة، ولم يتنبهوا إلى أن (لا إله إلا الله) تنجي صاحبها من الخلود في النار، ولو لم يأت بعمل من أعمال الجوارح.
وأنهم لم تنفق عليهم أخبار بني إسرائيل؛ بينما نفقت وراجت على الأئمة الذين قالوا بهذا الحديث، واعتقدوا ما فيه.
وأن البيهقي والألباني؛ على ملة هي أهدى من ملة الصحابي الجليل عمرو بن العاص رضي الله عنه، والإمام أحمد رحمه الله، وغيرهما من أئمة السنة.
فلا ندري؛ هل نترك هذا الأثر الصحيح، ونأخذ برأيهم؟!
إن هذا لهو الضلال المبين.
قال محمد بن جحادة: "سئل الشعبي عن شيء؛ فلم يكن عنده فيه شيء؛ فقيل له: قل برأيك؛ فقال: وما تصنع برأيي؟ بُل على رأيي"اهـ (طبقات ابن سعد 6/262)
هذا في رأي الشعبي، وهو من أئمة العلم والسنة؛ فكيف برأي الجهمية؟!
وجاء رجل من أهل العراق؛ لمالك بن أنس؛ فقال له: يا أبا عبدالله، عندنا قوم يأتيهم القول عن عُمر رضي الله عنه، وعن إبراهيم النخعي رحمه الله تعالى؛ فيتركون قول عمر إلى إبراهيم! فقال مالك: "أرى أن يستتابوا"اهـ (بيان التخطئة لبخار المرجئة ص 18)
هذا، وإبراهيم تابعي جليل من كبار أئمة السلف؛ فكيف بمن ترك قول عبدالله بن عمرو؛ وأخذ بقول البيهقي؟!
قال البربهاري: "واعلم رحمك الله؛ أن من قال في دين الله برأيه، وقياسه، وتأويله؛ من غير حجة من السنة والجماعة؛ فقد قال على الله ما لا يعلم، ومن قال على الله ما لا يعلم؛ فهو من المتكلفين"اهـ (شرح السنة ص 104-105)
ثالثاً: علق (جاهل) آخر على كلام (المتعالم الجهول)؛ فقال: "نعم؛ أخذ بهذا الأثر بعض الفضلاء، ولكن ما عليه المحققون من أهل العلم؛ أنه موقوف على عبدالله بن عمرو رضي الله عنه".
و(الفضلاء) هم: الأئمة الذين رووه، و(المحققون) هم: البيهقي، والألباني!
ومع هذا فسأجاريه على جهله، وأقول - تنزلاً -:
ألا يسعني ما وسع هؤلاء (الفضلاء)؟! أم لا بد من الأخذ بقول (المحققون)؟!
رابعاً: ليت شعري؛ ما الذي منع (المتعالم الجهول) من رمي جميع من روى هذا الحديث؛ بالحلول والاتحاد؛ كما فعل معي؟!
خامساً: ومن غبائه أنه نقل عن أبي يعلى؛ الإجابة على ما توهمه، وادعاه؛ فكان كالتي نقضت غزلها! قال أبو يعلى:  "وأما الفصل الثاني: وهو خلق الملائكة من نوره؛ فليس على ظاهره، ومعناه: خلقها بنوره تشريفاً لهم؛ كما خلق آدم بيده تشريفاً له على غيره من خلقه، وإنما لم يجز حمله على ظاهره؛ لأن ذلك يحيل صفاته ويخرجها عما تستحقه؛ لأن نور ذاته قديم، والقديم لا يتبعض؛ فيكون بعضه مخلوقاً كسائر صفاته، وهذا ظاهر كلام أحمد"اهـ (إبطال التأويلات ص 223)
سادساً: هذه الصفة ليست بأعجب من بقية الصفات، وأظن (المتعالم الجهول) يثبت الوجه واليدين والأصابع والقدم، وغيرها من الصفات لله تعالى؛ فإن كان كذلك؛ فهذه كتلك.
سابعاً: ليس في كتاب الله، أو في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو في قول صاحب، أو تابع، أو إمام من الأئمة؛ ما ينفي هاتين الصفتين؛ أو يحرم وصف الله تعالى بهما.
ثامناً: قال أسامة بن عطايا - وهو من شيوخهم -: "لا مغمز في إسناد هذا الأثر عند العلماء؛ لذلك ما ضعفه فيما أعلم ولا تكلم فيه في هذا الإسناد؛ أحد من العلماء المتقدمين، وإنما ذكره البيهقي بسنده عن ابن جريج عن رجل عن عروة؛ فأعله بالجهالة لهذا الرجل، وهذا كلامه بناء على ما وصل إليه من إسناد، ولكن ذاك الإسناد صحيح، وهذا يدل على أن له أصل؛ أي: من رواية ابن جريج عن رجل؛ قد يكون هو هشام بن عروة؛ فيكون هذا أيضاً تأكيد لصحة الأثر، ولا يطعن فيه؛ فالأثر من حيث الإسناد صحيح. أما من ناحية المتن: فهو قول صحابي رضي الله عنه، ومما لا يقال من ناحية الاجتهاد، وإنما يقال بتوقيف، وقد ذُكر أن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما؛ كان عنده من كتب أهل الكتاب، وكان يحدث منها، وهذا ثبت أنه كان يحدث عن أهل الكتاب، وليس خاصاً بـعبدالله بن عمرو بن العاص؛ بل هذا جاء فيه الإذن من الرسول عليه الصلاة والسلام: (حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج)؛ فعبدالله بن عمرو بن العاص؛ نعم قد روى عن أهل الكتاب، ولكنه يسند عادة إذا روى عن أهل الكتاب؛ ثم إذا كان هذا الكلام مخالفاً للكتاب والسنة أو مخالفاً للعقيدة؛ فما كان لأحد من السلف أن يروي للناس شيئاً مخالفاً للعقيدة؛ فهم أجل وأعلى من أن ينشروا بين الناس عقيدة غير صحيحة؛ فلذلك هذا الأثر له حكم الرفع على الصحيح، وأقل ما يقال: إن هذا مما لا ينكره السلف؛ لأن عبدالله بن عمرو قد رواه، ورواه أهل السنة مثل عبدالله بن الإمام أحمد؛ بل أبوه قبل ذلك قد رواه، ورواه العلماء وحدثوا به في كتبهم ومصنفاتهم؛ مثل ابن منده في الرد على الجهمية وغيرهما، وتلقوه بالقبول، ولم ينكروه ولا نعلم أحداً من السلف أنكره؛ بل لما حدث به سريج بن يونس عن أبي خالد الأحمر، وذكره عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبدالله بن عمرو: (خلقت الملائكة من نور)؛ ثم ضرب سريج على صدره، وقال: ضرب أبو خالد على صدره؛ كما أنهم استفادوا مثل هذا الفعل من قول الرسول صلى الله عليه وسلم وفعله؛ لما قال: (إن الله كان سميعاً بصيراً ورفع أصبعيه على عينه وعلى الأذن) يعني: تحقيقاً للصفة لا التشبيه؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: (إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر)؛ فشبه الرؤية بالرؤية، وليس المرئي كالمرئي، وكذلك هنا: حقق الصفة بمعناها اللغوي بالمعنى المفهوم، ولكن الكيفية لا يعلمها الا الله؛ ولذلك هذا الأثر: وجدنا أن أهل السنة قد تلقوه بالقبول، وما عُلم عن أحد من السلف إنكار هذا الكلام، أو هذا الأثر؛ بل إن الإمام ابن قتيبة رحمه الله؛ ذكر هذا من اعتراضات الجهمية وأهل الكلام؛ أنهم يذكرون هذا الأثر عن عبدالله بن عمرو بن العاص، وينكرونه على أهل السنة، وكذلك فعل البيهقي؛ لأنه كان متأثراً بالأشاعرة؛ فكان يورد مثل هذه الإيرادات، ومثل هذه الإشكالات؛ أما السلفيون: فما كانوا ينكرون هذا الأثر"اهـ
وقال عبدالله الخليفي - وهو من المعتبرين عندهم - وقد نال مؤخراً لقب (شيخ): "البيهقي لا يُعتمد؛ لتأثره بالكلابية، وأما البقية: فذكروه مقرين. والحكم بالنكارة ليس هو طريقة السلف، وهذه الطريقة من بعض محققي الكتب؛ غير مرضية؛ فلا يضل من تمسك بالأثر"اهـ
وقال أيضاً: "قال غلام الخلال: حدثنا أحمد؛ حدثنا عبدالرحمن بن محمد بن سلام؛ حدثنا أبو أسامة هشام بن عروة؛ عن أبيه؛ عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنه؛ قال: «خلق الله عز وجل الملائكة من نور الذراعين والصدر»؛ فعلق (سعود العثمان) تعليقاً سيئاً مفاده؛ أن زيادة (الذراعين والصدر)؛ منكرة لأن البزار روى هذا الخبر عن إبراهيم بن سعيد عن أبي أسامة بدون هذه الزيادة، والجواب على هذا؛ أن يقال: إن هذه الزيادة رواها عن أبي أسامة؛ إضافة إلى عبدالرحمن؛ الإمام أحمد بن حنبل جبل الحفظ؛ فكيف تكون شاذة. قال عبدالله بن أحمد في السنة: حدثني أبي؛ نا أبو أسامة؛ نا هشام بن عروة؛ عن أبيه؛ عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنه؛ قال: «خلق الله عز وجل الملائكة من نور الذراعين والصدر»، ورواه من طريقه عبدالله ابن منده؛ في الرد على الجهمية، وقد رأى (سعود) هذه الرواية، ولم يشر إلى متابعة أحمد لعبدالرحمن، وهذا تدليس منه، والسبب في ذلك: أنه استنكر المتن؛ فتكلف التدليس؛ ثم حاول (سعود) الزعم أن هذه الزيادة زادها بعض الرواة، واحتج بما روى عبدالله بن أحمد في السنة: حدثني سريج بن يونس؛ نا سليمان بن حيان أبو خالد الأحمر؛ عن هشام بن عروة؛ عن أبيه؛ عن عبدالله بن عمرو؛ قال: «ليس شيء أكثر من الملائكة؛ إن الله عز وجل خلق الملائكة من نور»؛ فذكره. وأشار سريج بن يونس بيده إلى صدره؛ قال: وأشار أبو خالد إلى صدره؛ فيقول: «كن ألف ألف ألفين فيكونون»، وهذه الرواية حجة عليه؛ فكل ما فيها أنه روى بالإشارة الحسية المفهومة؛ ما رواه غيره لفظاً، وأبو خالد الأحمر صدوق يخطئ؛ فلو فرضنا أنه خالف أبا أسامة؛ فالقول قول أبي أسامة. ثم أخذ يشير إلى أنها إسرائيلية؛ بل صرح بذلك، وقال: (وسياقه يوحي بذلك)، ولا أدري أين دل السياق على ذلك؟ والجواب على هذا من وجوه: أولها: هذا الخبر أورده عبدالله بن أحمد في كتاب السنة، وابن منده في الرد على الجهمية، وبوب عليه غلام الخلال، وذكره ابن المحب في الصفات، وبوب عليه، وما أعلم أحداً من أهل العلم أنكره قبل البيهقي الأشعري؛ فهو متلقى بالقبول. ثانيها: قد أوردت أنت نفسكَ عن وكيع؛ ما روى الدارمي في رده على المريسي: كَتَبَ إِلَيَّ عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ أَنَّ وَكِيعًا سُئل عَنْ حَدِيثِ عبد الله ابْن عَمْرٍو: «الْجَنَّةُ مَطْوِيَّةٌ مُعَلَّقَةٌ بِقُرُونِ الشَّمْس»؛ فَقَالَ وَكِيع: هَذَا حَدِيثٌ مَشْهُورٌ، قَدْ رُوِيَ فَهُوَ يُرْوَى؛ فَإِنْ سَأَلُوا عَنْ تَفْسِيرِهِ لَمْ نُفَسِّرْ لَهُمْ، وَنَتَّهِمُ مَنْ يُنكره، وينازع فِيهِ، والْجَهْمِيَّةُ تُنْكِرُهُ. فهذا وكيع سلم لأثر موقوف روي عن عبدالله بن عمرو؛ بل واتهم من ينكره، ولم يقل: إسرائيلية؛ مما يدل على أن هذا ليس مسلكاً سلفياً. ثالثها: أننا لو زعمنا أن الصحابة كانوا يحدثون عن بني إسرائيل جازمين بما نقلوا عنهم، ولم يعلموا صدق ذلك؛ لكنا قد اتهمناهم بتضليل الأمة. خامساً: جزم الصحابي بما يقول؛ يؤكد أنه ليس إسرائيلية؛ لأن الاسرائيليات لا تصدق ولا تكذب؛ فكيف يجزم بما لا يصدق، ولا يكذب؟ وقد نبه على هذا المعنى شيخ الإسلام ابن تيمية. وقد أحسن الشيخ الفاضل محمد بازمول؛ حين قال في شرحه على مقدمة التفسير: (قال شيخ الإسلام: وَمَا نُقِلَ فِي ذَلِكَ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ نَقْلًا صَحِيحًا؛ فَالنَّفْسُ إلَيْهِ أَسْكَنُ مِمَّا نُقِلَ عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ؛ لِأَنَّ احْتِمَالَ أَنْ يَكُونَ سَمِعَهُ مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَوْ مِنْ بَعْضِ مَنْ سَمِعَهُ مِنْهُ أَقْوَى، وَلِأَنَّ نَقْلَ الصَّحَابَةِ عَنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أَقَلُّ مِنْ نَقْلِ التَّابِعِينَ، وَمَعَ جَزْمِ الصَّاحِبِ فِيمَا يَقُولُهُ فَكَيْفَ يُقَالُ إنَّهُ أَخَذَهُ عَنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَقَدْ نُهُوا عَنْ تَصْدِيقِهِمْ)؛ ثم علق في الحاشية بقوله: (لدى بعض الناس جرأة غريبة إذا ما جاء نص عن الصحابي في قضية؛ مما لا يجدها في القرآن العظيم والسنة النبوية؛ فإنه يهجم على القول بأنها مما تلقاه ذلك الصحابي عن بني إسرائيل! والحقيقة أن الأمر يحتاج إلى وقفة متأنية؛ فأقول: لا شك أن الصحابي الذي جاء في كلامه ما هو من قبيل كشف المبهم؛ لن يورد شيئاً عن أهل الكتاب يخالف ما في شرعنا؛ نجزم بذلك إذا ما أورده الصحابي - على فرض أنه مما تلقاه عن أهل الكتاب - إما أن يكون مما يوافق شرعنا، وإما أن يكون مما لا يوافق ولا يخالف، ويدخل تحت عموم قوله صلى الله عليه وسلم: «حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج». و«إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم»؛ فالجرأة على رد ما جاء عن الصحابي؛ بدعوى أنه من أخبار أهل الكتاب؛ لا يناسب علمهم وفضلهم رضي الله عنهم)"اهـ
قلت:
ليس المقصود الاحتجاج بكلام شيوخ (المتعالم الجهول) و(ذيل المدخلي)، ومن أيدهما؛ فإن في كلام أئمة السلف غنية عن ذلك؛ إنما المقصود: بيان تهوكهم، وتناقضهم، وجهلهم، وتعالمهم.
وأكتفي بهذا القدر؛ لأعاود الحديث عن (ذيل المدخلي) لأكشف جهله، وتشغيبه.
قال (ذيل المدخلي):
"وقد نشر هذا الحديث (حديث الاستلقاء) أقوام في عصرنا: عادل حمدان، وعماد فراج، والحجي، وغيرهم؛ بل دافع فراج عن هذا الحديث دفاع مستميت (كذا) حتى إنه رمى من يكذب بهذا الحديث؛ رماه بالتجهم، وكذا عادل حمدان أيضاً، وهذا يدل على جهلهم في علم الرواية، وفي علم الدراية؛ فأما من جهة الرواية: فالحديث لا يصح سنده أصلاً؛ لا من جهة السند، ولا من جهة المتن، وقد تولى الشيخ العلامة ربيع بن هادى المدخلي حفظه الله على طاعته؛ الرد على هذا الكلام في مقال له"اهـ
قلت:
هذا الكلام يدل على تهور في الكذب، ووقاحة تامة؛ فأنا لم أدافع (دفاعاً مستميتاً) عن هذا الحديث، ولم أرم من يكذب به بالتجهم؛ بل غاية ما قلته:
1-            قلت في مقالي ]جريمة عادل آل حمدان[: "شنع أهل السنة (المدخلي)؛ على عادل آل حمدان؛ لمجرد أنه تابع غيره في تصحيح حديث؛ يرى أهل السنة (المدخلي)؛ تبعاً لشيخه الألباني؛ أنه ضعيف لا يصح؛ فمن ثم؛ شرق وغرب بكلام أكثره مأخوذ من تعليق الألباني - الذي قف شعره من الحديث - في (الضعيفة)! مع أن هذا النوع من الأحاديث؛ يدور بين الصحة، والضعف؛ فمن أهل العلم من يصححه، ومنهم من يضعفه. وأهل السنة (المدخلي) يقول: إن الذين يكفرون تارك الصلاة؛ يحترمون إخوانهم الذين لا يكفرونه؛ فما باله شنع على من صحح الحديث؟! فكان ينبغي له على قاعدته هذه؛ أن يحترم الذين قالوا بصحة الحديث؛ لكن أنى له ذلك، وهو أبعد ما يكون عن العدل، والإنصاف. ولأنه جبان؛ لم يبدع العلماء الذين رووه، أو صححوه؛ رغم أنه حكم عليهم بأنهم تنكبوا الصراط، وشردوا عنه؟! بل بدع من لا ذنب له. فليت شعري؛ لماذا لم يوجه أهل السنة (المدخلي)؛ اللوم للدشتي رحمه الله؛ لأنه لم يبين حال: (فليح بن سليمان، وابنه محمد)؛ بدلاً من يطلب ذلك من عادل، ورفيقه؟! لماذا لم يعتبر (عادل ورفيقه) متساهلين - كابن أبي عاصم، والطبراني - فيكف عن تهويله، وتشغيبه، وتطاوله على الأبرياء، والتشنيع عليهم"اهـ
2-            وقلت في مقالي الآخر ]تعالم ربيع المدخلي[: "حديث الاستلقاء: قال ربيع: (فهذه هي الحلقة الثانية من الرد على عادل آل حمدان؛ في تعلقه بالحديث المنكر المنسوب إلى قتادة بن النعمان رضي الله عنه، والذي فيه: (إن الله عزَّ وجل لما قضى خلقه استلقى، فوضع إحدى رجليه على الأخرى). وسبقه إلى ذلك شيخه الألباني؛ فقال: "وجملة القول: إن هذا الحديث منكر جداً عندي، ولقد قف شعري منه حين وقفت عليه، ولم أجد الآن من تكلم عليه من الأئمة النقاد؛ غير أن الحافظ الذهبي أورده في ترجمة "فليح"، كأنه يشير بذلك إلى أنه مما أنكر عليه كما هي عادته في "ميزانه". والله أعلم. ثم وجدت في بعض الآثار ما يشهد لكون الحديث من الإسرائيليات؛ فروى الطحاوي في "شرح المعاني" (2/361) بسند حسن أنه قيل للحسن، وهو البصري: قد كان يكره أن يضع الرجل إحدى رجليه على الأخرى؟ فقال: ما أخذوا ذلك إلا عن اليهود. ثم رأيت البيهقي سبقني إلى الكلام على الحديث بنحو ما ظهر لي". (الضعيفة 755): قلت: هذان سلف المدخلي: البيهقي والألباني! مع أن الألباني سبق واحتج به في (مختصر العلو)، وقال: (وذكر ابن القيم في الجيوش الإسلامية ص (34) أن إسناده صحيح على شرط البخاري). (ص 98) وتأمل قوله: (ولم أجد الآن من تكلم عليه من الأئمة النقاد)"اهـ
فكلامي واضح في أن هذه المسألة؛ لا تستحق كل هذا التشغيب والتهويل من المدخلي وأذنابه، وذلك لما يلي:
1-            أن الأحاديث المروية في الصفات؛ ذكر الخطيب البغدادي؛ أنها تنقسم إلى ثلاثة أقسام: "القسم الأول: أخبار ثابتة أجمع أئمة النقل على صحتها، لاستفاضتها، وعدالة نقلتها؛ فيجب قبولها والإيمان بها. القسم الثاني: أخبار ساقطة بأسانيد واهية، وألفاظ شنيعة، أجمع أهل العلم بالنقل على بطلانها؛ فهذه لا يجوز الاشتغال بها، ولا التعريج عليها. القسم الثالث: أخبار اختلف أهل العلم في أحوال نقلتها؛ فقبلها البعض دون الكل؛ فهذه يجب الاجتهاد والنظر فيها؛ لتلحق بأهل القبول، أو تجعل في حيز الفساد، والبطول".
وأقل أحوال هذا الحديث؛ أن يكون من القسم الثالث؛ أقول هذا تنزلاً، وإلا فلا.
2-            أن حديثاً كحديث أم الطفيل؛ ذكر ابن تيمية في بيان تلبيس الجهمية (7/211-242) موقف العلماء منه؛ فقال: "حديث أم الطفيل امرأة أبي بن كعب؛ أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يذكر أنه رأى ربه عز وجل في النوم في صورة شاب ذي وفرة قدماه في خضر عليه نعلان من ذهب على وجهه فراش من ذهب). قال الإمام أحمد؛ لأحمد بن عيسى: حدثهم به. قال أبو يعلى: لا يجوز أن يأمره أن يحدثهم بحديث؛ يعتقد ضعفه؛ لا سيما فيما يتعلق بالصفات. وقال: هو ظاهر ما عليه أصحابنا. وقال الخلال: إنما يروى هذا الحديث، وإن كان في إسناده شيء؛ تصحيحاً لغيره، ولأن الجهمية تنكره. وذكره في سننه، ولم يتعرض للطعن عليه. وقال أبو بكر عبدالعزيز: حديث أم الطفيل فيه وهاء، ونحن قائلون به. وصحح هذا الحديث أبو زرعة الدمشقي فيما سمعه من أبي محمد الخلال، وأبي طالب العشاري، وأبي بكر بن بشر؛ عن الدارقطني فيما خرجه في آخر كتاب الرؤية". انتهى مختصراً.
فهذا هو الفرق بين كلام أهل العلم والفهم؛ في أمثال هذه الأحاديث التي وقع فيها اختلاف، وكلام المتهوكة الجهال.
3-            أن الألباني نفسه سبق، واحتج به في (مختصر العلو)؛ فقال: "وذكر ابن القيم في الجيوش الإسلامية؛ أن إسناده صحيح على شرط البخاري".
واعترف بأنه لم يجد من سبقه في الكلام على هذا الحديث؛ إلا البيهقي.
4-            أن هذا الحديث ذكره عبدالعزيز بن فيصل الراجحي؛ في كتابه (قمع الدجاجلة) الذي رد فيه على حسن بن فرحان المالكي الرافضي؛ فلم يجهل ويتعالم، ويهول ويشغب؛ كما فعل (المدخلي الكبير) و(ذيله الحقير)؛ بل تكلم بعلم وفهم؛ فقال: "فصل في رمي المالكي للحنابلة بالتجسيم والتشبيه ورد ذلك عنهم؛ قال المالكي ص (129) تحت عنوان ]التجسيم والتشبيه[: (صحح الشيخ عبدالمغيث الحربي الحنبلي حديث الاستلقاء؛ الذي فيه أن الله لما انتهى من الخلق؛ استلقى ووضع رجلاً على رجل، وهذا تشبيه واضح). وعزا المالكي ذلك إلى سير أعلام النبلاء للذهبي (21/160). والجواب من وجوه: أحدها: أن هذا يعاب به الشيخ عبدالمغيث لا الحنابلة. ولم يكن رحمه الله من علمائهم الكبار؛ بل كان قليل العلم، وقد بين قلة علمه بعض أهل العلم؛ كابن الجوزي الحنبلي، وغيره. الثاني: أن إثبات الاستلقاء - لو صح، أو عند من صححه - لا يلزم منه التشبيه. وإثبات الصفات المجرد؛ ليس فيه تشبيه، وإن كان جنس الصفة أو الفعل، موجوداً في الخالق والمخلوق، والمالك والمملوك؛ فالله عز وجل؛ حي، سميع، متكلم، ينزل، ويغضب، ويحب، ويرضى، ويكره، وغير ذلك من الصفات والأفعال الثابتة له سبحانه في كتابه الكريم، أو في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم. وكذلك المخلوق، حي، سميع، بصير، متكلم، ينزل، ويغضب، ويحب، ويرضى، ويكره، وغير ذلك. وصفات الله وأفعاله سبحانه؛ ليست كصفات خلقه جل وعلا، ولا تشبيه في ذلك. أما إثبات الاستلقاء، فالعمدة فيه صحة الحديث أو ضعفه؛ فإن صح، فليس لنا إلا التسليم. وإن كان الراجح ضعفه، إلا أن من صححه لم يكن مشبهاً، ومن ضعفه لم يكن معطلاً"اهـ (ص 234-235)
وقد قدم له؛ الفوزان، وهو عند (ذيل المدخلي): ]بقية السلف[؛ فليته يوجه بعض نباحه إليه.
وكلام الراجحي سديد؛ إلا قوله: "هذا يعاب به الشيخ عبدالمغيث لا الحنابلة. ولم يكن رحمه الله من علمائهم الكبار؛ بل كان قليل العلم، وقد بين قلة علمه بعض أهل العلم؛ كابن الجوزي الحنبلي، وغيره".
فإنه خطأ؛ لما يلي:
أولاً: لم يرد على عبدالمغيث؛ إلا ابن الجوزي؛ لا كما قال: "وقد بين قلة علمه بعض أهل العلم؛ كابن الجوزي الحنبلي، وغيره".
ثانياً: ابن الجوزي جهمي، ورده الذي أشار إليه الراجحي؛ هو كتابه (دفع شبه التشبيه)، وهو في الحقيقة رد على أهل السنة؛ لا على عبدالمغيث؛ فقد ألفه ابن الجوزي انتصاراً لجهميته.
ثالثاً: لا مجال للمقارنة بين عبدالمغيث السني السلفي، وبين ابن الجوزي الجهمي؛ فضلاً عن الاحتجاج بكلامه.
وهذه ترجمة عبدالمغيث من عدد من كتب التراجم؛ ليُعرف منزلته في العلم والسنة:
أ‌-                "عبدالمغيث بن زهير بن زهير بن علوي الحربي؛ لم يزل يفيد الناس إلى حين وفاته، وكان متديناً، صالحاً، صدوقاً، أميناً، حسن الطريقة، جميل السيرة، حميد الأخلاق؛ توفي سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة". (ذيل تاريخ بغداد 16/17-18)
ب‌-          "قرأ على المشايخ وكتب بخطه وحصل الأصول وتفقه على القاضي أبي يعلى، وكان صالحاً متديناً صدوقاً أميناً؛ حسن الطريقة؛ جميل السيرة؛ حميد الأخلاق؛ مجتهداً في اتباع السنة والآثار؛ جمع وصنف وحدث؛ ولم يزل يفيد الناس إلى حين وفاته، وبورك له حتى حدث بجميع مروياته وسمع منه الكبار .. ووقع بينه وبين ابن الجوزي نفرة بسبب الطعن على يزيد بن معاوية؛ فإن عبد المغيث كان يمنع من سبه وصنف في ذلك مصنفاً ..". (المقصد الأرشد 621)
ت‌-          "كان ثقة صالحاً؛ صاحب سنة؛ منظوراً إليه بعين الديانة والأمانة .. حدث بالكثير، وأفاد الطلبة، ونعم الشيخ كان .. روى عنه الشيخ الموفق، والحافظ عبدالغني، وحمد بن صديق الحراني، والبهاء المقدسي، وأبو عبدالله الدبيثي، وخلق سواهم". (تاريخ الإسلام 12/760)
ث‌-          "كان صالحاً متديناً صدوقاً أميناً حسن الطريقة جميل السيرة حميد الأخلاق مجتهداً في اتباع السنة والآثار منظوراً إليه بعين الديانة والأمانة .. قرأت بخط ناصح الدين بن الحنبلي: سمعت من عبدالمغيث طبقات أصحاب الإمام أحمد لأبي الحسين ابن القاضي بسماعه منه؛ بقراءة طلحة العلثي ببغداد، وكان - يعني عبدالمغيث - حافظاً زاهداً ورعاً؛ كنت إذا رأيته خيل إلي أنه أحمد بن حنبل، غير أنه كان قصيراً. وقال الحافظ المنذري عنه: اجتهد في طلب الحديث، وجمعه، وصنف وأفاد، وحدث بالكثير .. وقال ابن القطيعي: كان أحد المحدثين؛ مع صلابته في الدين، واشتهاره بالسنة، وقراءة القرآن ..". (ذيل طبقات الحنابلة 2/345-353)
ج‌-            "الشيخ الإمام المحدث الزاهد الصالح المتبع بقية السلف؛ أبو العز بن أبي حرب البغدادي؛ الحربي .. عني بالآثار، وقرأ الكتب، ونسخ، وجمع، وصنف، مع الورع، والدين، والصدق، والتمسك بالسنن، والوقع في النفوس، والجلالة". (سير أعلام النبلاء 21/159-161)
]تنبيه[:
ذكر الراجحي قول خارجة المشهور: "وهل يكون استواء إلا بجلوس"، وظن أنه خارجة بن زيد بن ثابت التابعي الجليل؛ أحد فقهاء المدينة السبعة.
والصواب: أنه خارجة بن مصعب بن خارجة الضبعي؛ أبو الحجاج الخراساني؛ مات سنة (164).  
قال (ذيل المدخلي):
"فهذا الاستلقاء ليس فيه حديث أصلاً؛ بل لم يقل به أحد فيما أعلم من أهل العلم؛ إلا هؤلاء؛ فهؤلاء يريدون أن يشحنوا عقيدة الأمة بالكذب والافتراء والأحاديث الواهية والضعيفة"اهـ
قلت:
 من جهل قدره هتك ستره؛ فقد فضح (ذيل المدخلي) نفسه، وأبان عن مبلغ علمه - أو جهله - وهو ينفي أن يكون للحديث أصل، أو حتى يكون أحد قال به قبل (فراج وحمدان والحجي)؛ يقول هذا، وقد رواه: الطبراني، وابن أبي عاصم، وابن منده، وأبو بكر الخلال، وأبو محمد الخلال، والبيهقي، وأبو يعلى الفراء، وعثمان بن سعيد الدارمي، وأبو موسى المديني، والدشتي، وابن القيم، وابن كثير، والهيثمي.
ثم زاد جهالة على جهالة، وضغثاً على إبالة؛ فتقلد البهت والافتراء؛ فقال: "فهؤلاء يريدون أن يشحنوا عقيدة الأمة بالكذب والافتراء والأحاديث الواهية والضعيفة".
فهل يجرؤ على توجيه هذا الكلام إلى من رواه من الأئمة، والحفاظ؟
وهب أن الحديث ضعيف؛ فهل من قال به؛ يريد بذلك (شحن عقيدة الأمة بالكذب والافتراء والأحاديث الواهية والضعيفة).
فأي طعن في السلف أعظم من هذا؟
فليت (ذيل المدخلي) يكف عن الهذيان، ويضع لسانه في سقف حنكه، ويجلس في بيته، ويبكي على خطيئته.
وأخيراً: فنزولاً على كلامه؛ ها أنا - الآن – أدافع عن هذا الحديث دفاعاً مستميتاً، وأرمي من طعن فيه؛ بالتجهم؛ إلى أن يفسر لنا (ذيل المدخلي) كيف استباح أهل السنة أن يرووا هذا الحديث في مصنفاتهم، ولا يتعقبونه بالرد، والإنكار؟!

يتبع ..

0 التعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.