السبت، 25 أكتوبر 2014

الحداد - الحربي - الحجي

الحداد - الحربي - الحجي
السؤال الرابع:
ثناؤكم على كل من (الحداد - الحربي - الحجي).
الجواب:
أولاً: أنا لم أثن عليهم.
ثانياً: لو قدر وأثنيت؛ فهل هم زنادقة، أو أئمة بدعة وضلالة؛ حتى لا أثني عليهم؟
إن هذا مما لا ينقضي منه العجب!
ولو أثنيت؛ فهل يقدح هذا فيَّ؟!
ثالثاً: الحجي لم أتطرق إليه قط إلا بعد أن ذكره شيخك المتعالم، ومعلوماتي عنه ليست بذاك؛ فإن كان مبتدعاً عند سماحتك؛ فيلزمك ما يلي:
1 - …بيان الأصل - أو الأصول - التي خالف فيها.
2 - …ذكر من بدعه من أهل العلم؛ لا سيما وأنتم مقلدة محضة لا في العير ولا في النفير.
فإن ظهر أنه مبتدع؛ فسأبدعه؛ فليس بيني وبينه سبب أو نسب.
لكن دعوني أسألكم سؤالاً:
كيف يكون الحجي مبتدعاً، ولا يكون كذلك النووي، وابن حجر؟
وربيع، والألباني؟!
أليس هذا من تناقضكم الواضح، وجهلكم الفاضح؟
من خالف أصول أهل السنة لا يبدع، ومن لا تعرف عنه بدعة؛ يُبدع؟!
رابعاً: أنتم تقولون: ليس كل من وقع في بدعة يبدع - هكذا بإطلاق -؛ فليت شعري! على أي أساس بدعتم فالحاً والحجي والحداد؛ هذا إذا كانوا بالفعل؛ قد وقعوا في بدعة.
خامساً: أما الحداد: فقد قلت: إنه من أهل السنة؛ وإلا فما الأصل الذي خالفه الحداد حتى يصير مبتدعاً ضالاً، وذكره من البوائق؟
فإن قلتم: لَمْ نُبدعه؛ بل بدعه ربيع.
قلنا: ومتى قلدنا في ديننا الرجال؟
فتقليده لا يلزمنا إلا إذا أتى بالبيان، ولم يأت بشيء؛ بل غاية ما ذكره عنه تهاويل؛ هو واقع في مثلها وأكبر منها؛ فضلاً عن أنها لا ترقى لإخراجه من السنة.
على أن ربيعاً لم يبدع الحداد كما زعمتم، وإلا فأين ذلك في كلامه؟
وإن كان؛ فلن نقبل كلامه إلا بحجة، ولا حجة معه.
ومتى كانت أقوال أهل البدع؛ حجة على أهل السنة؟!
ربيع المبتدع الضال؛ يُقبل قوله في رجل من أهل العلم والفضل والسنة كالحداد؟!
ثم إن ها هنا سؤال ينبغي عليكم طرحه على ربيع؛ أين كتابه (مجازفات الحداد)؟ - لاحظوا أنه قال: (مجازفات) ولم يقل: (بدع) - فإن كان يراه مبتدعاً؛ فليس من النصح للمسلمين إخفاء الكتاب، وعدم نشره.
فربيع مطالب بذكر الأصول التي خالفها الحداد؛ فإن لم يفعل - ولن يفعل - فهو ظالم مفتر.
قال الوادعي وهو إمام عندكم: لن أتكلم في عدنان حتى أطلع على كتبه بنفسي؛ فقال له الحجوري: يا شيخ قد تكلم على عدنان الشيخ ربيع وفلان؛ فقال له الوادعي: من قلد ندم.
وقال السحيمي - والكلام عن المأربي -: هذا مثلما تفضلت؛ مما اختلفُ فيه مع الشيخ ربيع؛ أخي الذي لم يتضح له أمر زيد من الناس؛ لا ألزمه، وأكرر كلامي: شخص لم يتضح له الأمر - أمر زيد من الناس - لا أُلزمه بما توصلت إليه أنا، ولا أقاطعه من أجل ذلك".
فهل يسعني ما وسع مقبلاً، والسحيمي؛ أم ماذا؟
وهل يجوز لي أن أتأنى فقط!! - لا أن أعترض - في تبديع من بدعه المعصوم ربيع؛ أم ماذا؟
ثم أيجوز لي بعد هذا؛ أن أقول: لقد اشتكى الجهل منكم.
قلت في رد لي سابق:
"أما هو - أي ربيع - فعلى فتوى صاحبك ليس مرجئاً لأنه إمام مجتهد؛ فيسأل عن هذا الاستثناء؛ فإن رمانا بكلام ابن تيمية من كون التابع يبدع دون المتبوع؛ حيث قال: قد تصدر المقالة المخطئة من إمام قديم فتغتفر له؛ لعدم بلوغ الحجة له، ولا تغتفر لمن وقع بعده في نفس الخطأ؛ لأن الحجة بلغته، ولهذا يبدع من بلغته أحاديث عذاب القبر ونحوها إذا أنكر ذلك، ولا تبدع عائشة ونحوها ممن لم يعرف بأن الموتى يسمعون في قبورهم".
فنقول له: نعم؛ لكن بالشرط الذي ذكره الشيخ (لعدم بلوغ الحجة له) والحجة بلغت ربيعاً، ورد عليها وشنع وجدع.
والذي لا ينقضي منه العجب أن يكون بازمول والزهراني وعلي رضا والحلبي والهلالي ومشهور ومن على شاكلتهم من أهل السنة، والحداد من أهل البدع؛ وليت السائل - وهذا بيني وبينه - يعقد وشيخه؛ مقارنة بين أخطاء الحداد، وأخطاء شيخ شيخه العلامة الحجوري.
وبمناسبة ذكر الحجوري الذي تزلف إليه شيخك ويحلو له أن ينعته بالشيخ العلامة؛ أعرض أمام سماحتك ما يلي:
أولاً: يعتقد شيخك إمامة ربيع، وربيع بدع الحجوري؛ حيث قال: "الحجوري حدادي سفيه" ولا يخفاك أن الحدادية؛ وصف عظيم في الجرح يوصف به كل من خرج على طاعة الإمام ربيع.
فليت شعري! كيف يتولى شيخك (الحجوري) وقد طعن فيه (ربيع)، والعلامة (محمد بن هادي)؟
ثانياً: ولكي يفتضح شيخك المتذبذب؛ فقد طعن الحجوري في ربيع ومحمد بن هادي؛ فقال في ربيع: "يا من رميتنا بالحدادية قطع الله لسانك؛ يا كذاب أنت من صنعت الحدادية ثُمَّ رميتنا بها؛ الحدادية إنما هي من صنعك أنت؛ أنت من أتيت بها".
فأُسقط بين يدي شيخك؛ أيهما يتولى؟
هل يتولى (الحجوري) الذي جرحه الجماعة (ربيع)؟
أم يضحي بالجماعة (ربيع) من أجل فرد (الحجوري)؟
ثالثاً: الجابري عند شيخك (عالم كبير)، والحجوري كاد أن يخرجه من الملة، ومع هذا فما زال عند شيخك (علامة) يتزلف إليه، ويتمحك فيه.
رابعاً: وصف شيخك (الحجي) بأنه حدادي؛ في الوقت الذي نص فيه علامته (الحجوري) على أنها لفظ مخترع، وفرية صنعها ربيع.
فلم لا يلزم شيخك غرز شيخه (الحجوري)؛ فلا يتفوه بهذا اللفظ؛ أم أنه يخالفه في أشياء.
فإن جاز هذا لشيخك؛ جاز لمن هو أعلم منه أن يخالف من هو أعلم من شيخه.
خامساً: مما ينقمه شيخك (لجهله) على (عماد فراج) - حتى لقد نصحه بالتأدب مع العلماء - طعنه في العلماء (وسبق بيان مرادهم بالطعن، وكذا مرادهم بالعلماء، وأنهم ليسوا إلا الألباني والمدخلي)؛ فإليك طعونات الحجوري في طائفة من أهل العلم - وهم جميعاً مرضيون عندك - منهم:
1 - …ربيع المدخلي.
2 - …عبيد الجابري.
3 - …عبدالعزيز آل الشيخ.
4 - …صالح آل الشيخ.
5 - …أعضاء اللجنة الدائمة للإفتاء.
6 - …وصي الله عباس.
7 - …محمد بن هادي المدخلي.
8 - …عبدالله البخاري.
9 - …محمد الوصابي.
10 - …أغلب مشايخ اليمن
في الوقت الذي يثني على سليم الهلالي وإخوانه من المرجئة الساقطين!
سادساً: جرح الحجوري - بخلاف ربيع ومحمد المدخلي - الفوزان، والجابري؛ فهؤلاء أربعة من العلماء - عند شيخك - جرحوا الحجوري؛ فليت شعري؛ ما الذي جعله لا يأخذ بكلامهم؟
إن كان يحق له الاجتهاد؛ ألا يحق لغيره؟
أحرام على بلابله الدوح **** حلال للطير من كل جنس
ثم كيف يتجرأ شيخك، ويخالف أئمة العلم وبقية السلف؟
سابعاً: ينقم شيخك - لجهله وتسرعه - على (عماد فراج) مسائل؛ الحق فيها مع (عماد)، ومن ثم جفاه وهجره، وحذر منه، وافترى عليه الكذب!
فليت شعري لِم لَمْ يصنع شيخك مع العلامة الحجوري مثل ما صنع معي؟
إليك طائفة يسيرة من أخطائه - تغاضيت عما يمكن توجيهه؛ رغم أن شيخك لم يفعل هذا معي - اقرأها ثم قل: أين حمرة الخجل.
1 - …قوله: إن النبي صلى الله عليه وسلم فمن دونه؛ لا يقبل قوله إلا بحجة سائغة.
2 - …قوله: ظاهرة الإرجاء كانت في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأول من قال بالإرجاء هو عثمان ابن مظعون عندما شرب الخمر. ونسب هذا القول إلى ابن تيمية.
3 - …قوله عن مذهب القصر بلا مدة؛ إنه (مذهب إبليسي).
4 - …وإن تحريك الاصبع في التشهد (رقص).
5 - …قوله: وكم وكم من طلاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ من المنافقين.
6 - …قوله في قاعدة الشافعي رحمه الله: (ترك الاستفصال في مقام الاحتمال ينزل منزلة العموم من المقال) "بولوا عليها".
7 - …قوله: أنا اعلم أن البربهاري عنده نزعة تكفيرية، وعنده شطحات.
8 - …قوله: تفسير السعدي لا يصلح إلا للعوام.
9 - …قوله: من تابع عثمان رضي الله عنه في الأذان الأول؛ فهو مبتدع.
10 - …قوله: في هذه الأيام صار الناس يثقون بعلي حسن عبدالحميد ومشهور وبقية طلاب الألباني؛ أحسن من وثوقهم باللجنة الدائمة، والناس قد كرهوا التزحلق؛ فمن ثبت على السنة أحبوه.
ثامناً: ينعي شيخك على (عماد فراج) أنه لم يؤدب طلابه، وأن منهم من لا يحسن الوضوء - وهو كذاب أشر - فإليك برنامجاً في الأدب من العلامة الحجوري:
1 - …هذه كلمات جمعت له من عشرة أشرطة فقط: (من عارضني سأهين كرامته كائناً من كان؛ سأدوسه بقدمي - عبدالمجيد الريمي: مثل أصنج الكلاب - نعمان الوتر: مثل حمار القات - أبو بكر الهدار: مثل العجوز الكاهنة - عبدالله صعتر: من أصحاب يا حرجاه يا روجاه - أبو حاتم العودي: ممسحة لأبي الحسن يتمخط فيها - علي بارويس: لوطي يؤتى كما تؤتى المرأة - جعل أذنك متفلة لمن تفل - عربيد - ضفدعة - بغل - أتان - حمار - مخانيث ولوطة - لقيطات شوارع - كلامك عندنا مثل بعر الحمير - هذا ينبغي أن يسمى معزة - ارم به في البالوعة ليس في القمامة - يُبالُ على رؤوسهم - مثلُه مثلُ العبد الذي يغطي على ضرطة سيده - خرج من بين الراقصين والرقاصات - حزبي مثل الكلب المسعور - مثله مثل الكلب - غطوا أساتي نسائكم من الخليجيين - عبدالله الأهبل - لأرجمنك بالنعال في وجهك - عجل- يذكرني بمخانيث بريطانيا - يا بليد - يا بغل- خاين ونذل- يعوي بالقرآن كالجرو - هؤلاءمثل حمير القات - برميل - عربجي - محمد بابالوعة - أنت أتان بليد - فضلاً عن المخانيث واللوطة الذين تحب أن تتكثر بهم من أهل سنتك - مثل الجرو - مثل الكلب الأجرب - الإخوان المسلمون مثلوا دور المرأة كيف تحيض؛ ما أدري لبسوا حفاظات أو لا - مثل القرد - تيوس إب - المصريون فجرة - مفتونون مثل الكلاب الجرب - أنتم عبارة عن ناس شواذ).
2 - …ووصف بعض ما شاهده في بريطانيا؛ فقال: "كنا نمر ببعض الحدائق التي على طريقنا بالسيارة، خاصة يومي السبت والأحد؛ ترى الواحد منهم وصديقته عرايا؛ ما على المرأة إلا كلسون فقط يغطي الفرجين والرجل كذلك، وعندهم شيء من الدهان فيما أخبرني الإخوان، يدهنون به ثم يبقى هكذا مستلقياً على ظهره قليلاً عشر دقائق أو أكثر وهكذا على بطنه، وهكذا على جنبه وعلى جنبه الآخر؛ قلنا: لماذا هكذا يعذبون أنفسهم؟ قالوا: هؤلاء ملَّوا من أجسامهم البيضاء؛ لأن البريطانيين أجسامهم بيضاء؛ فهم يريدون أجساماً حمراء؛ لأن المرأة تكون أقدر على جذب الزناة عندما تكون حمراء قليلاً، وهكذا الرجال أيضاً، وهكذا رأينا شباناً من هذا النوع رجل وامرأة، وبعدهم جملة من الأولاد والبنات ويعملون حركات سيئة؛ فتارة تقبل البنت الولد، وتارة يقبلها، وهكذا يضل مع البنت، وهي كبيرة عمرها عشر سنين؛ تمد لسانها تارة، وتارة يمد هو لسانه] قال أحدهم معلقاً: هذا وصف رجل جلس معهم حتى استطاع أن يرى ما لا يراه الماشي أو راكب السيارة [أنا ما رأيت الفروج؛ لكن أخبرني بعض الإخوان على أن المرأة معها ذكر تسجد له، والرجل يسجد لفرج المرأة] قال أحدهم معلقاً: الحمد لله أنك لم ترى الفروج وإلا لوصفتها [هذا مما رأينا من المشاهد هناك، وحقيقة؛ ما استوعبنا كل شيء؛ لكن على قدر الوقت، والحمد لله على ما يسر به مما ذكرناه للإخوان.] قال أحدهم معلقاً: فعلا أيها الأحمق لو جلست هناك بعض الوقت؛ أطول قليلاً مما جلست؛ فما الذي ستنقله لنا غير هذه البلايا والرزايا [
3 - …ومرة كان يتكلم عن الزنداني الإخواني، وشركته المزعومة - شركة الأسماك - وكيف أن بعض العجائز ربما باعت بعض الأشياء لتشارك في هذه الشركة، ولا تحصل إلا على (سيدي حسن) - هكذا قالها - ثم لم يكتفِ بهذا؛ بل قبض بشماله على ساعده الأيمن في إشارة إلى (سيده حسن) على مرأى ومسمع من الألوف، والنساء يسمعن بالمكبر؛ فلم يستح من ذكر هذه الكلمة التي لا يعرفها إلا أهل الوقاحة والمجون، والإشارة إليها، وليته بعدها استحى واعتذر؛ بل ضحك وقهقه".
ومما قاله في ربيع:
1 - …صنع الفرقة الحدادية، وأتى بها؛ ثم رمى بها غيره.
2 - …أفاك.
3 - …يصد الناس عن الهدى.
4 - …يدل على الضياع، والردى.
5 - …كذاب.
6 - …لا يتكلم دفاعاً عن السنة؛ بل اتباعاً لهواه، وللشيطان.
7 - …يضاد الحق.
8 - …يضر نفسه.
9 - …صاحب موبقات.
10 - …متخرص.
11 - …يصد الناس عن سبيل الله.
12 - …ينكر ما كان يعرف، ويعرف ما كان ينكر.
13 - …تتجارى به الأهواء.
14 - …قطع الله لسانك.
15 - …قاتلك الله.
أزيدك، أم كفاك؟ وذاك أني **** رأيتك في التجارة لم توفق
نعم والله؛ هي تجارة، وليست دعوة؛ فالحدادية التي يريد أن يتبرأ منها شيخكم المتعالم؛ ألصقت به وللأبد؛ والعجيب أنه تبرأ من حدادي؛ ليرتمي في أحضان حدادي آخر!! وإلا فهل يستطيع أن يرفض حكم إمام الجرح والتعديل؟!
نعود للحديث عن الحداد:
للحداد ردود على ربيع؛ بين فيها جهله وضلاله، وإفكه وخباله، وأنه جمع إلى بدعته؛ سوء نيته، وخبث طويته؛ كما أظهر جهل أصحابه، وتلاعبهم، وتلونهم، وعنصريتهم البغيضة التي تعلموها من ربيع؛ فربيع وطائفته (الجامية أو المداخلة) مبتدعة ضلال، والحداد عالم سلفي؛ جريمته عند ربيع؛ أنه يبدع المبتدع، ويحذر من الطوائف والفرق والجماعات البدعية، ويرد على المخالف كائناً من كان؛ أما ربيع: فردوده لأغراض سياسية، أو لمصالح شخصية؛ لم يرد بردوده نصر السنة - كما يزعم - ولا قمع البدعة والمبتدعة؛ وإلا لكان تكلم في جميع المبتدعة، وحذر منهم بأوصافهم وأعيانهم، ولما
تكلم فيمن يفعل ذلك؛ لكنه أبى إلا إظهار وجهه القبيح، وجهله الصريح؛ فراح يطعن في أهل السنة الشرفاء؛ بعد أن هتكوا ستره، وبينوا للناس أمره.
ولندع الحداد يبين لنا شيئاً مما يعرفه عن مخازي ربيع وأصحابه وغيرهم من أدعياء العلم والسلفية، وهم ليسوا في العير ولا في النفير!
وإلا فأي سلفي هذا الذي ينازع في ضلال أبي حنيفة، وابن حزم، والنووي، وابن حجر، وعايض وسلمان وسفر وناصر العمر، وينافح عنهم؟!
أي سلفي هذا الذي يعترض على تسمية الأشاعرة بالجهمية، ويرفض تضليلهم، ويعتذر لهم؟
أي سلفي هذا الذي يثني على رؤوس المبتدعة، وينشر كتبهم، ويحارب من تكلم فيهم؟
أي سلفي هذا الذي يحارب رجلاً من أهل السنة المحضة، ويضيق عليه؛ لا لشيء إلا لكونه تكلم في المبتدعة - القدامى والمعاصرين - وبين أمرهم؛ بعد أن عمى المعاصرون على بدعهم، وضلالهم؟
قال الحداد:
1 - …"لو كان (ربيع) مخلصاً لدين الله؛ لما خص ابن قطب وحده بكل سهامه، وترك من أخذ عنهم ابن قطب اعتقاده؛ كرشيد رضا، وغيره من أئمة السلفية!! فابن قطب مارق عنده، ورشيد رضا إمام السلفية! مع أن قولهما واحد!! ".
2 - …ورد على ربيع قوله: (ما ذنبي إذا كان ابن قطب قد اختار المنهج الخلفي لنفسه)؛ فقال: "وما ذنبنا إذا كان ابن حزم، والبيهقي، والنووي و .. ؛ قد اختاروا هذا لأنفسهم؛ فتكلمنا عليهم؛ فهاجمتنا بلا هوادة، وبكل كذب وافتراء".
3 - …ونقل قول ربيع (قول ابن قطب بخلق القرآن حقيقة ثابتة لا غبار عليها)، ورد عليه قائلاً: وصدق؛ فقد كان أئمة أهل السنة رحمهم الله تعالى؛ يتهمون الرجل بتلك التهمة بأقل من كلام ابن قطب، وكلامه صريح؛ لكن! أين أيها الكاتب العجيب يذهب دفاعك عن الشوكاني وهو يقول بالوقف؛ يسخر هو والمقبلي سخرية - ما صنع عشرها الكوثري - بأهل السنة جميعهم؟! ومع ذلك فالشوكاني إمام للسلفية، وحسناته مشكورة في اليمن - هذا كلامك -!! ".
4 - …وقال: "استبعد ربيع عدم اطلاع ابن قطب على ما وقع في محنة مسألة خلق القرآن, وبناء على هذا الاستبعاد؛ فاتهامه بالقول بخلق القرآن مع وجود عبارة له مشعرة بذلك؛ اتهام
صحي. ونحن معه؛ فقد صدق, وهذه القرينة معتبرة عند أهل العلم؛ فثمة فرق بين مسألة المعلوم من الدين بالضرورة بين البدوي والحضري، وبين الجاهل والعالم، ولكن ما باله يحتج بها ها هنا, ويتركها في مسائل ابن حجر, والنووي, والشوكاني وغيرهم! ألم يطلعوا على كتب أهل السنة في الصفات؟ ثم هذا المسكين ابن قطب؛ ممن ينقل تخاريفه؟ أليس من مثل هؤلاء؛ في تأويل الرحمة وغيرها بالإرادة, ومسألة الكلام النفسي وغيره؟ بينما تصنع هذا بابن قطب؛ توزع أنت وأصحابك أوراقاً بأن الباقلاني، وابن الجوزي والبيهقي من الأئمة؟! والأول يقول بخلق القرآن وغيره، والثاني يصنف الكتب في تأويل الصفات، والثالث كتابه في الأسماء والصفات والاعتقاد مليء بالفواقر و"كل ما كان عليه أهل السنة في صفة الكلام خالفه البيهقي" هذا هو خلاصة ما وصلت إليه رسالة جامعية منشورة بالمدينة؛ ثم تصف السهيلي صاحب الروض الأنف؛ بأنه من العلماء الكبار! مع أن روضه مليء بالتجهم! ".
5 - …وقال: "قال بكر أبو زيد في ابن قطب: (على عثرات سياقاته). فرد عليه ربيع قائلاً: التعبير عن بدع ابن قطب الكبيرة والخطيرة بمثل هذه العبارات مجاف للنصح للإسلام والمسلمين؛ بعيد عن أساليب أئمة السلف في قمع البدع وأهلها وإهاناتهم. قال الحداد: هذا نفسه وقع فيه الكاتب؛ ففي حواره أنكر على صاحبه (سلمان العودة) كلمة انحرافات؛ فقال: (انظر كيف يتلطف في التعبير عنهم, ويتهرب من إطلاق لفظ البدعة؛ في الوقت الذي يشتد فيه على أهل التوحيد والسنة). ولم تمض صحائف حتى جاء ذكر محمد عبده؛ فقال ربيع: (عليه مؤاخذات). فإمام المعتزلة في عصرنا؛ عليه مؤاخذات وصاحبك سلمان العودة (الأخ الشيخ)، والسرورية عندك (اخواننا وأبناؤنا).
6 - …وقال: "ومجالسك الخاصة ملأى بالطعن فيمن تظهر أنهم أئمة أهل السنة؛ فابن باز طعن السلفية طعنة خبيثة، وابن عثيمين كذلك (لتخرج رايات الشرك من نجد)؛ يعني بسببه، والألباني (سلفيتنا أقوى من سلفيته)؛ أما القدامى فحدث ولا حرج: أحمد يؤول، وابن تيمية أعلم من السلف الصالح، وشعبه مبتدع، والثوري يتهالك في ركاب رافضي، ومحمد ابن عبدالوهاب عنده حماس واندفاع الشباب".
7 - …وقال: "لما ذُكر لربيع أن محمد بن عبدالوهاب تكلم في ابن حجر؛ قال: محمد بن عبدالوهاب عنده حماس واندفاع الشباب مثلكم! وقال: ابن تيمية أعلم من أحمد ومالك والثوري والأوزاعي! وهذا كله مسجَّل عليه، والشهود موجودون به! ولما نَصَحَ ربيع في (منهج النقد ص 70/ 71) بكتب يدرسها الشباب في العقيدة؛ لم يذكر الطحاوية منها.
8 - …وقال: "الأشاعرة يكفِّرون أهل السنة صراحةً إلى يومنا هذا! فهذا إمام أهل السنة بمصر - بزعمهم - مؤسس الجمعية الشرعية المدعو بالسبكي يصنف كتابًا في ذلك سماه (إتحاف الكائنات) فيه أن من قال بأن الله في السماء فهو كافر حلال الدم تبين منه زوجته، وإذا مات لا يدفن في مقابر المسلمين! وتسميتي لهم جهمية تسمية صحيحة؛ قالوا بها هم (أي المدخلي وطائفته) كما سترى من عجائبهم! وأعلى ما عند هؤلاء كلام ابن تيمية، وقد قال بما قلتُه؛ كما في فتاويه (6/ 358 - 359)، وقال في المنهاج (2/ 484): (كل معتزلي جهمي، وليس كل جهمي معتزلياً، لكن جهم أشد تعطيلاً لأنه ينفي الأسماء والصفات والمعتزلة تنفي الصفات دون الأسماء). وفيه (4/ 131): (الشيعة الإمامية جهمية قدرية رافضية)! فهل هذا يفهم منه الخلط في الفرق إلا الأحمق؟! وذكر في الجزء السابع من درء التعارض طائفة من كبار الأشاعرة مع الجهمية! بل صنَّف كتاب (بيان تلبيس الجهمية) في الردّ على إمام الأشاعرة الأشعري الثالث بعد الأشعري والباقلاني، وهو الرازي! وأهل السنة كلهم يقولون: من لم يقل بأن الله في السماء؛ فهو جهمي! ومن قال: القرآن مخلوق؛ فهو جهمي! والأشاعرة يقولون ذلك وذلك!! وللهروي في ذم الكلام؛ باب في الأشاعرة، وابن قدامة كذلك في كتابه في ذم التأويل، وللسِّجْزي رسالة فيها فضح الأشاعرة منشورة! وقال عبدالرحمن بن عبداللطيف (النجدية 3/ 219 - 220): (طريقة من ينتسب إلى الأشعري من تلامذة الجهمية)! وله أو لبعض أقرانه كتاب منشور في الإجماع على كفر الجهمية! فهذا ليس كلامي أنا أيها المفترون! و (الفوزان) والألباني قالا في شريط مسجل: (ابن حجر والنووي من الأشاعرة)! ومع ذلك هما - عندهما - من أهل السنة! واتفق كبار مشايخكم على أن الأشاعرة ليسوا من أهل السنة! فأين تبديعكم لهم؟ ولماذا قال ربيع لي: لو بدَّعْتَ ابن حجر والنووي أنا أبدِّعك! فأين (منهج النقد) الذي صنفه ربيع خصيصاً للرد على السرورية! ثم نقضه بمذكرة؛ بدّع فيها
شعبة والأعمش، وطعن في سفيان الثوري، وأثبت فيها الثناء على أهل البدع، وقال لأحد إخواننا: سوف تضطروني أن أرجع إلى منهج الموازنات! إنه دين صنعه ربيع لغَرَض وعَرَض ومَرَض".
9 - …وقال: "نقل ربيع في كتابه منهج النقد (ص 86) عن ابن تيمية في بيان تلبيس الجهمية؛ قوله: (لا ريب أن عند الجهمية ممتنع أن يكونوا متبعين لله .. ومن عرف ما جاء به الرسول ثم وافقهم؛ فهو منافق)؛ قال ربيع: مراده بالجهمية هنا؛ هم الأشعرية وغيرهم من المعطلة، والأشعرية مقصودون بالقصد الأول، ولا شك أن كثيراً منهم عرف ما جاء به الرسول ثم وافقهم! فهذا فيه تسمية للأشاعرة جهمية، ومنافقين النفاق الأكبر! ففيم تنكر عليَّ؟! وما أشبهك يا ربيع بهم: زعمتَ أنك تعرف الحق، ثم نكصتَ على عقبيك، لأن الحق لا يجعل زعامتك التي تحلم بها منذ شبابك الإخواني! اتبعتني في كلامي على أهل البدع - على فلتات منك بين الحين والحين! - فلما هددك مشايخك، تخليتَ وأردتَ أن تجعلني قربانًا لهم! وذكر في (ص 110 - 111) حكم الداعية إلى البدع! فأين ابن حجر والنووي، وهما يكتبان ذلك في كتب تنشر بالآلاف لمدة مئات السنين؟! بل يقول لي: (إذا أنت بدَّعتَهما فأنا أبدِّعك) فحسبنا الله ونعم الوكيل! وهذا الجامي يقول في (الصفات ط الجامعة ص 154): أخطاء الأشاعرة أكثر من صوابهم؛ لأنهم لا يُثْبتون إلا بعض صفات الذات، ويتلاعبون بالنصوص فيما هو عداها كما هو معروف. وفي (تصحيح المفاهيم ص 33): أهل الكلام نعني المعتزلة والأشاعرة! وقال في (العقيدة وتاريخها ص 29): ومما ينبغي التنويه به أن الجهمية وإن كانت في الأصل اسماً أو لقباً للعقيدة التي دعا إليها جهم وأتباعه، إلا أن علماء السلف أطلقوا هذا اللقب فيما بعد على كل من ينفي الصفات فنطلق اللقب المعتزلي والأشعري على هذا الاصطلاح المشار إليه! فلماذا التشنيع علينا إذا سميناهم جهمية أو حينما نبدِّعهم، ونحذر منهم! ولا نجعلهم أئمة؟!! هل تريدون ألا يتكلم غيركم في الدين لغرض وعرض ومرض فيكم؟! وهذا الألباني يقول في شريطه عن البدعة: ابن حجر والنووي أشاعرة، ولكن ليسوا من أهل البدع. فليت شعري كيف يكون ذلك! أشاعرة وليسوا من أهل البدع؟! وبعض من لا يحسن شيئاً؛ كالفقيهي يقول: ليس فيهم أشعرية، بل هم سلفيون خُلَّص. وبعضهم يزداد الخلط عنده،
فيقول: هم من أهل السنة فيما وافقوا! فهم - عندهم - جهمية أهل السنة! وهذا محمد ابن ربيع قال في أضوائه ص (17): الأشعرية والماتريدية والبريلوية يقولون: نحن أهل السنة! فينكر عليهم قولهم، وليس عندنا إلا ذلك، وإلا وصفهم بالمبتدعة؛ فلم تشنعون علينا؟! فلماذا هذا التهويل؟ إن وراءه سرًّا بل أسرار، وبعضها لن تعرفه الآن! لكن لتعرف صِدْق من يفعله مِنْ عَدَمِه، فاسأل نفسك وإياهم بعض هذه المسائل، فإن الأمر إذا كان لله تعالى؛ فإن الأصل واحد في بيان أخطاء كل مخالف، ولماذا لم تجتمعوا هكذا على السرورية بالأسماء، ولما صرَّحنا بالأسماء أنكرتم علينا؟! وقال محمد بن هادي المدخلي في شريطه: لابن حجر طوام وبلايا. فلماذا لا يبينها للناس الذين افتتنوا به وقالوا - وهم من شيوخه: (إنه سلفي!) (لا يضر مع شرحه للبخاري شيء!) وأخطاؤه منتشرة انتشار توزيع كتابه بآلاف النُّسَخ ومنذ خمسمائة سنة؟! وقال عن ابن حجر أيضاً: عنده طوام كشف بعضها ابن باز! وسئل عن النووي، فقال: أشعري ساقط في التصوف لا تسألوني عنه! "
10 - …وقال: "عبدالرحمن بن عبدالخالق، وله كلمة عند السلفيين بزعمهم في أقطار كثيرة من بلاد المسلمين، خطره معروف وكتابه في وصف علماء هذه البلاد بصفة الكفر! وقطبيته ظاهرة جدًّا! ولكن صاحبه ربيع منع من الجهر بأخطائه ومنع من نشر الأشرطة التي فيها فضح طوامِّه؛ كما حدثني عنه صاحبه المدعو عبد اللطيف في مجلس ممتلئ بالناس! ومن اللطائف أن (ربيع) جهر بالمنع في مجلس، مع مدحه لعبد الرحمن؛ فقال بعض الحاضرين: هو يتكلم فيك! فانتفض، وقال: الخبيث! والألباني وأكثر أدعياء السلفية في الدنيا يحبونه ولا يعلمون شيئاً عن طوامه وخطاياه؛ لماذا منع تلميذه ربيع من بيان هذه البلايا، وفيها بلايا في العقائد والأحكام ومنهج الحكم على الحديث و .. وفيها طعن في الوهّابية، وفيها مدح للسرورية بأنهم سلفية!! ومدح للمدعو (سيد قطب) بأنه مبجَّلٌ لجهاده، وأنه أستاذ كبير؛ كما قال في مقدمة مختصره للعلو، أنه ليس بمبتدع؟! وغيرها من طوامّه! ومن اللطائف أن الألباني لما عُرض عليه كلام تلميذه ربيع في ابن قطب؛ قال: هذا سطحي التفكير ... لماذا تجعل عداوةً بينك وبين من مات)؟! فهذه جهالة فاحشة وضلالة فاضحة! فكيف بالتلميذ؟! والوادعي - وأكثر أدعياء السلفية يعجبهم كلامه -
وهو ظاهريٌّ جَمْد من المفتونين بابن حزم والشوكاني، وكلامه في السعودية مشايخها ودولتها والخروج عليها معروف جداً! ومع ذلك لم يتكلم فيه أحدٌ أبدًا؟! تعرف لماذا؟! لأنهم مثله، غير أنه لبُعْد بلده صرَّح بما لا يستطيعون التصريح به! ".
11 - …وقال: "لماذا تزامن مدحكم للسرورية؛ مع قدحكم في الحداد؟ إن من أسرار هذه الأعمال ما ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما أهلك من كان قبلكم أنهم إذا سرق فيهم الشريف تركوه) نعم، وألصقوا تهم الشريف بالضعيف! ولا شريف عندهم إلا من كان على جنسية بلدهم! أو بدعتهم! ولا ضعيف من كان معه الله تعالى ولا ناصر له سواه، فاحذروا! فلقد - والله - ركبتم مركباً صعباً، وحسبنا الله ونعم الوكيل. لماذا قال لي ربيع أول سماعه شريط الألباني: رُدَّ أنت على الألباني، ولا تُعرِّف أحدًا أني قلتُ لك: رُدَّ! فلم أعتبر لكلامه وزنًا؛ لأني كنت آمل أن يرجع الألباني عنه! ولكن هيهات لمن تشرب بالبدعة الرجوع عنها؛ كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخوارج، وقال أهل السنة: هو في كل المبتدعة الذين تشرّبوا البدعة: يمرقون من الدين، ثم لا يعودون فيه! لأني - كما هو حال أهل السنة - لا أحب الردود والمناظرات إلا على سبيل الاضطرار لا الاختيار، ولأني لا أتلقى أمري من مثل هذا الدعيّ ولا من غيره! ولأن صاحب الحق لا يكون جباناً مثل هذا الدعيّ! نعم، هو جبان، وأدلتي على ذلك تحتمل جزءًا مفردًا! فلما قال: لا تردّوا على الألباني".
12 - …وقال: "فقد استقرَّ عزمي حتى قبل أن آتي المدينة على العزلة وترك فضول المخالطة والزيارات والنزهات؛ فلما قدمتُها فعلتُ؛ حتى إن بعض من كنتُ أزورهم - قبل سكنى المدينة حينما كنت آتيها زائراً - لم أزرهم إلى هذه اللحظة، ولم يدخلوا لي بيتاً (حماد الأنصاري وفالح الحربي) ولما علم بعض الشباب مكاني أَبَوْا إلا السعي لإخراجي من هذه العزلة، ولما علموا محبتي للحديث؛ نسبني بعضهم إلى أني تلميذ للألباني! فلقيتُه؛ فقلت: من أخبرك بهذا؟! ليس لي شيخٌ غير كتبي! وأنا أخالف الألباني في أصول وفروع؛ نعم كلانا - أنا والألباني ليس لنا مشايخ مجالس! وأصرَّ عليَّ واحدٌ بعد واحدٍ؛ أن يقرأ عليَّ كتاباً، أو يترصدني لجواب مسائل؛ فكنت أدافعهم مدافعة عجيبة بالدعاء والحيلة!! جاءني أحدهم يطلب أن يقرأ عليَّ كلَّ يوم ما يحفظه في ذلك اليوم من صحيح البخاري،
وأن تلك القراءة اليومية هي التي ستشجعه على الاستمرار والمدوامة على الحفظ؛ فرددتُه وردّدْته ورددتُ عليه: القراءة على الرجل تكون قراءة عَرْض وإسناد - وليس عندي ذلك -؛ أو قراءة بحث وفوائد - ولست بأهلٍ لذلك - فاذهب إلى المشايخ! ولم أحدِّد له أحدًا يذهب إليه؛ ألح، وأَبَيْتُ؛ حتى جاءني بعد قرابة الشهر يقول: مررتُ على المشايخ؛ فاعتذروا أنه ليس عندهم وقت، ولا بدَّ منك وإلا ضاع حفظي ... ! ومن عادتي في الرفض ما إن ألح عليَّ أحدٌ فأطال؛ إلا استحييتُ أن أردَّه، وآثرتُ الصبر على الردِّ ما لم تكن منقصة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يأبَوْنَ إلا مسألتي، ويأبى الله لي البخل). وآخر ألح علي في القراءة حتى شغلني؛ فأما الأول فكانت نهايته معي؛ أنه بلغه أني أتكلم في السرورية وخاصَّةً عايض القرني؛ فكانت النهاية! وأما الآخر فغضب عليه شيخه القديم لأنه انشغل عنه، وذلك الشيخ هو الجامي؛ قال لهم: (محمود هو الذي صرفكم عن حضور درسي!) فحلف له هذا، وآخر؛ أن محمودًا لم يصدَّ عنك! نعم لقد صدق، وأيضًا ما دعوتُ أحدًا إليه ولا إلى غيره! ثم ما زلتُ به حتى تمكنتُ - بحمد الله تعالى - من ترك القراءة معه، ولكنه انشغل بشيخٍ له أشعريٍّ جَلْد؛ فصار فتنة لنفسه وغيره، وحذرته مراراً وساعاتٍ، ولا نفع! وكنتُ منذ قدمتُ المدينة أتكلم في ذم القطبية السرورية؛ فيأتيني الشباب؛ يقولون: سألنا مشايخنا (يعنون الجامي وأمثاله) فقالوا: ليس هناك أحدٌ بهذا الاسم وهذه الصفة! وذهبتُ ذات يوم إلى مكتبة الغرباء فرأيتُ فيها كتاب المعالم للمدعو (سيد قطب)! فأخذتُه؛ فأخفيتُه تحت الأرفف! ووجدتُ فيها كتاب (السبيل) لرجل سوري يدعى (عرعور) من تلاميذ الألباني، وفي هذا السبيل الباطل؛ الوصية بظلال ابن قطب! فلما جاء صاحب المكتبة؛ قلتُ له: ما هذه المعالم وما هذه الوصية بكتب هذا الرجل؟! قال لي: مشايخنا ربيع والجامي وغيرهم يوصون بكتبه! قلت: ما تقول فيمن يقول: أحاديث الآحاد لا يُعمل بها في الاعتقاد؟! قال: هذا ضال مضل! قلت: أنزلْ لي ظلال ابن قطب من فوق الرف! وهات تفسير المعوِّذتين! فأطلعتُه على هذا الكلام الذي تعلمه صاحب الظلال من شيخ أدعياء السلفية وشيخ الإخوان وشيخ كل الضلالات المشهورة؛ ذلك المدعو (رشيد رضا) ولا رشد ولا رضا! قلت: وهذا شيء قليل مما عند صاحب الظلال في ظلاله وكل كتبه من الضلال، بل إن في ظلاله؛ الدعوة إلى
الثنتين والسبعين فرقة! فرفع الرجل كتب هذا الذي يوصي به مشايخه! وأرسل إليَّ بعض من كنت أزوره قبل سكناي المدينة (حماد الأنصاري)، أرسل إلَّي مراراً يستزيرني؛ فلم أزره لما كنتُ قد عزمتُ عليه. وكنتُ حينذاك أتبع الجنائز ابتغاء الأجر العظيم الذي ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم في القيراط الذي مثل جبل أُحُد، وقد رأيتُ الجبل، وسِرْتُ بحذائه، فهالني عِظَمُه، وكنتُ أشترط لنفسي في حضورها، ذلك أني لا أعلم مَن الميت، وإذا رأيتُ من القرائن ما يدل على أنه رجل سوء لم أحضر، أو رأيتُ منكرًا في الجنازة لا أستطيع تغييره تركتُ الجنازة؛ فهذا الترك - حينئذ - هو السنّة؛ حتى كانت صلاة المغرب ذات يوم، بل ذات ليلة، وكانت الجنازة حافلة بالناس وأصحاب العباءات! وما أعجبَ ذلك! تأتي الجنازة بعباءة ليعرف الناس مكانك! أفي مثل هذا المكان والحال لا تستطيع أن تترك عباءتك؟! فلعلك ممن ينام بها! المهم أني لما رأيتُ ذلك هممتُ أن أرجع؛ فإن كثرة الحضور وبهذه الصفة لا يدل - غالبًا - على خير، بل دنيا! وأيضًا فأنا لا أحب الكثرة والشهرة؛ فهممتُ أن أرجع، ولكن رأيتُ أحد المتعبئين! (من أصحاب العباءات!)، فسكنتُ وسكتُّ، ولم أترك الجنازة! ذلكم هو المدعو (فالح الحربي)، قلت: أهل الدار أدرى بمن فيها، وهذا المتعبئ لا أعرف عنه من السنة إلا الشدة على جماعة؛ بل فرقة التبليغ، فلا أظنه يجهل من السنّة ما يعرفه صغار الطلبة، وهو أمر ترك جنازة المبتدعة والفجرة، وأظنه حضر - وهو لا يحضر الجنائز - بل لا يحضر مسجد رسول الله صلى الله عليه و سلم إلا نادرًا!، فلعل الميت من المعروفين بالسنّة! فلما قصصتُ قصة الجنازة على بعض الناس؛ ذكر لي أن الميت من أكابر التبليغيين بالجزيرة (إبراهيم الحصين) وإنما كَثُر مشيّعوه لأنه كان من خواص المفتي (ابن باز)! فحنقتُ أشدّ الحنق على ذلك المتعبئ الذي غرّني! وشاء الله تعالى أنْ رأيتُه منصرفاً من إحدى صلاتي العشي، فعنّفتُه أشدَّ التعنيف، فاعتذر بأنه فعل ذلك مجاملة لأقارب الميت! فصار هذا المتعبئ يتكلم فيَّ بعد ذلك، ويشيع بأني هجرتُه لفعله ذلك! وشجعني هذا على ما أنا فيه من ترك مجالسة الناس والإقبال على خاصّة نفسي وبيتي. وفي هذا الجو تناقل بعض الشباب عني أشياء منها: ما هو كذبٌ عليَّ، أو سوء فهم منهم، أو حقٌّ لم يحسنوا إيراده أو إدراكه لغرابته. فاجتمع ذلك مع عزلتي عن زيارة الناس فكَثُر الكذب عليَّ، حتى بلغني أن صاحب خزانة
المخطوطات (حماد الأنصاري) أشاع أنه قريبًا وقريبًا جدًّا سيخرجني من البلد التي هو دخيل عليها إذْ قد جاءها مهاجرًا من إفريقية (مالي)! لما ادَّعاه من أني بؤرة فساد! فأرسلت إليه رسالة - اطلبوها منه واقرأوها - أستزيره، لأبين له هذه الأشياء التي نُسِبَتْ إليَّ، وأرسلتُ مع الرسالة هدية من بعض كتبي وغيرها، وطلبتُ منه تحديد موعد خاصٌّ ذلك أن مجلسه - غالبًا - ما يكون مليئًا، ثم اتصلتُ عليه بعد أيامٍ لمعرفة الموعد؛ فجابهني بغلظة، فقلتُ له: (اتق الله) فكأنه تراجع! ثم رأيتُه بعد أيامٍ في معرض الكتاب قريبًا مني، فسلَّمتُ عليه، فنفض يده، وجهر بسبٍّ عظيمٍ وتوعُّدٍ شديدٍ؛ قال: أنت الذي تتكلم في الحافظ ابن حجر! () قال: لا بُدَّ أن تُسَفَّر خلال أيام! وأنا أقول له: هذا لا يصلح. فلما أكثر قلت له: إن هذا الأمر ليس بيدك ولا بيد غيرك، إنما هو بيد الله تعالى وحده، والأرض لله هو ملك الملوك يفعل ما يشاء؛ مضيتُ، وقد عفوتُ عنه ما أساء في حقي في مجالسه وغيرها لوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأنصار خيراً، فلم أجد خيراً من العفو وطلب الأجر والصبر من الله تعالى. وأتعجب - ولا عجب - من رجل حرمه الله تعالى السنّة! وأقول: الحمد لله على السنّة والعافية! ومع هذا التهديد والوعيد، وما يتناقله الشباب، والعزلة؛ لم تمرَّ دقائق حتى تعرف إليَّ بعض الشباب (خالد الدوسري) الذين سمعوا سفاهة وحماقة هذه الأكاذيب، واقترح عليَّ تخفيفاً لحدَّة ما سبق؛ أن نزور سويًّا بعض المشايخ لبيان حقيقة ما يتناقله الشباب، فلم أجد بدًّا من العمل باقتراحه على كراهة مني لإنهاء عزلتي التي لم تتمَّ لي على ما أريد. فخرجنا يوم الاثنين أنا وذلك الشاب من معرض الكتاب بالجامعة إلى صلاة الظهر إلى بيت قريب من مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم هو بيت شيخ مشهور في المدينة بأنه مع الشباب! كما أخبرني رفيقي، ولا
__________
1 - وكأن الكلام في ابن حجر من نواقض الإسلام؛ فتأمل أيها السلفي هذا الجهل المركب، واحمد الله على نعمة العلم. وقد كان هذا الرجل يثني على الحداد ثناء بالغاً، ويقول عنه إنه (بقية السلف)؛ حتى لقد قرأ عليه الحديث المسلسل بالأولية، وشيئاً مما كتبه في مذكراته، وفيها أنه لما نزل مصر؛ قال: هذه أرض مشى عليها الحافظ ابن حجر! فيا لله؛ لم يذكر صحابياً، أو تابعياً، أو إماماً سنياً كالليث أو الشافعي - مثلاً - بل ذكر مثل ابن حجر الأشعري؛ لأنه كان مغرماً به؛ كما هو حال الكوثري مع أبي حنيفة؛ فالكوثري (مجنون أبي حنيفة) والأنصاري (مجنون ابن حجر) والطيور على أشكالها تقع!
أعرفه! يقال له (ربيع)! فلما جلسنا تكلمتُ فيما نسبه الشباب إليَّ: قال: كيف تكون في المدينة منذ سنة ونصف ولا تزورنا، ولا تزور أهل السنة، ثم نسمع عنك أخباراً غريبة، وخشينا على الشباب منك!، وهممتُ أن أزورك ثم تراجعتُ! قلت: قد زار أبو عُبَيْد القاسم بن سلاّم؛ أحمدَ بن حنبل رحمهما الله؛ فقال أبو عبيد: يا أبا عبدالله لو أننا زرناك على قدر محبتنا لك؛ لزرناك كل يوم. فقال أحمد: لا تقل هذا يا أبا عُبيد، فإننا نعرف رجالاً مودتهم أوثق في قلوبنا، ولا نرى أحدهم إلا السنَة بعد السنَة. فقال أبو عُبيد: واحدةٌ (أي فائدة) يا أبا عُبيد. قال ربيع: هذه صوفية! قلت: هذا أحمد وأبو عبيد من أئمة أهل السنة رحمهم الله تعالى، والعزلة لطلب العلم والسلامة من الناس أمر معروف في العلم وفيه أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وآثار عن السلف الصالح رحمهم الله تعالى، وفيه كتب وأبواب! وما جئتُ إليك لمناقشة هذه المسألة! قال: ينبغي أن تزورنا كل شهرٍ مرَّةً أو مرتين، وهذا لا يقطعك عن طلب العلم. قلت: قالوا عني أشياء. قال: نعم، الطعن في ابن تيمية وتكفير ابن حزم والكلام في عايض القرني! قلت: أما تكفير ابن حزم: فما قلتُ فيه شيئًا؛ إلا ما قاله ابن تيمية وصاحبه ابن عبدالهادي: (هو جهميٌّ جَلْد)، وهذا واضح جداً في كتابه: الفِصَل، والتحذير منه واجبٌ لإقبال الشباب عليه. وأما الطعن في ابن تيمية؛ فكَوْني أخالف ابن تيمية في مسائل وأقول: أخطأ. فقد خالف ابن تيمية الأئمة أحمد وغيره في مسائل كبار! ومن أصول أهل السنة ما نقلوه عن السلف الصالح رحمهم الله: (كلٌّ يؤخذ منه ويُرَدُّ عليه إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم). ثم إني لا أخالفه بقولي أنا، بل بقول مَنْ هو أعلم وأعلى منه من الأئمة؛ كأحمد وغيره، والسلف الصالح رحمهم الله تعالى. وسكتُّ، فما ذكرتُ كلامي في عايض! لأني أعرف أنه هو وغيره؛ لا يرون ما أرى، وأن هؤلاء دعاةٌ فيهم خير، ويصلح الله بهم أناسًا، وإن كنتُ أحذر منهم؛ لما أرى في هؤلاء المشايخ من المدح والتوقير لابن قطب والوصية بكتبه؛ فقد كنتُ منذ قدمت المدينة أحذر من السرورية، فذهب بعض الشباب إلى (ربيع والجامي) فسألوهما عن السرورية، فقالوا: لا سرورية، ولا نعرف طائفة بهذا الاسم! وأتاني بعض الشباب وهم كانوا سروريين؛ لكن أمرهم لم ينفضح بعدُ، وكانوا يشعلون الفتن ويستعينون بالمشايخ والشائعات عليَّ لكي يسكتوني عن الكلام في أئمتهم، فحذروني من مخالفة المشايخ
وإثارة الفتن، وأن هناك مكيدة تُدَبَّرُ لي بسبب كلامي في السرورية! المهم أنني بعد أن سكتُّ قليلاً عن السرورية؛ فوجئتُ بهؤلاء الذين قالوا: (لا سرورية) قد انطلقوا يحذرون منها! لظهور ووضوح أمرهم أيام فتنة الكويت، وسعدتُ أيامها بظهور وجه السرورية القبيح لدى المشايخ الذين كانوا يحسنون بهم الظن من قبلُ؛ لأنهم في نظرهم دعاة يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر!! ".
13 - …وقال: "قد علمتُ - وما علّمني من الناس أحد - يوم أن كنتُ طالبًا؛ أن دعوة ابن قطب مخالفة للسنّة في كل شيء، وأن القطبيين يسمون أنفسهم (جماعة المسلمين) وغيرهم - عندهم - كفار! وعمدتهم في ذلك؛ كتاب معالم على الطريق، والظلال لابن قطب، وكتاب المصطلحات الأربعة للمدعو بالمودودي؛ فعلمتُ أن من اقتدى بهؤلاء سيكون مثلهم! وما أشبه اليوم بالبارحة! يدعون إلى فقه الواقع، وهم من أجهل الناس بفقه الماضي! المهم أني كنتُ قلتُ في عايض قولةً شاعت في المدينة، وعاتبني غير واحد عليها، ومنهم من لم يفهمها لجهله بألفاظ السلف! قلتُ: (السماع لأم كلثوم المغنية خير من السماع لعايض!) نعم، فقد قال شعبة رحمه الله: (الزنا أحب إليَّ من التدليس!) بل قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لأن يزني الرجل بعشر نسوة أهون عليه من أن يزني بحليلة جاره) الحديث. وليس معنى ذلك؛ تهوين الزنا، بل تشديد التدليس وتشديد حرمة الجار. وليس معناه أن الغناء خير، بل هذا من كلام العرب على ما يفهمه العرب! وقد هيَّجتْ هذه الكلمة وأشباهها في أصحاب عايض ما هيَّجتْ! المهم أني لم أذكر شيئًا عن هذه المسألة لهذا الرجل (ربيع)، ولم يسألني بعدها! فلما ذكرتُ له ما سبق من البيان: قال: الآن أنا أحبك في الله، ولا عليك ممن يتكلم فيك! ثم أعطاني أوراقاً من كتابٍ له يعدُّه للنشرة الثانية في بيان حكم الاستعانة لأراجعها وأزيد ما أراه، واتصلتُ عليه بعد أيام فزدتُه فيها".
14 - …وقال: "ثم خرجنا إلى بيت شيخٍ آخر مشهورٍ، بل هو أشهر مشايخ المدينة (العباد) فلما جلسنا بحضور ولده (عبدالرزاق) قلت: يتناقل الشباب أن مشايخ المدينة يسعون في أذاي! قال: ما أعرف مِنْ هذا شيئاً! قلت: ويتناقلون عني أقوالاً في حاجةٍ إلى بيان! قال: ما سمعتُ مِنْ هذا شيئاً! قلت: يقولون أني أكفِّر ابن حزم، وإنما قلتُ ما قاله ابن
عبدالهادي صاحب ابن تيمية: (جهميٌّ جَلْد) ولم أَزِدْ! فانتفض، وقال: جهمي! لا لا! هذا نصر السنة! قلت: نصر السنة في الفروع وهدمها في الأصول، وحتى نصرة الفروع هي على مذهبه الظاهري، وهذا المذهب ليس نصرة للسنة، وهو خطر على الشباب جداً، وفيه طعن في السلف الصالح رحمهم الله تعالى، وقد حذر أهل العلم من هذا المذهب. قال: جهمي؛ لا لا! وجرى الكلام، ودافع عني ولده - وكان حاضراً - بما قرأه في مقدمة بعض كتبي من دفاع عن السنة، والله المستعان. ومضت مدَّة، وجاءني الشاب نفسه؛ ينصحني بزيارة شاب آخر دافع عني في غيبتي، وهو ممن شهرته أحداث فتنة السرورية! يقال له (المعيد محمد بن هادي)؛ فلما جلسنا، كان في مجلسه طبيب مصري سمين! وقد أخذ يتكلم ويطيل في النصح بكتب الندوي وغيره ممن ليسوا من أهل السنة، ولهم إخوانية معروفة تكلم هذا وتكلم، وهذا المعيد لا يبدي ولا يعيد! سكت هو وغيره ممن في مجلسه! حتى رأيتُ أنه ليس للسكوت موضع، وأن ذلك السمين قد أطال في كلامه الغث غير السمين ولا الثمين! وأن الحاضرين: إما أن يكونوا على شاكلته، أو يتأثروا بزخرف كلامه! فرددتُ عليه بعنف حتى سكت! ووعدني أن يزورني ليستفيد! وما رأيتُه إلى يومي هذا! وإنما ذكرتُ صفة السمنة، لأنها صفة مذمومة في الرجال. ويذكرني موقف المعيد المتخاذل أو الموافق أو الإرجائي؛ بموقف شيخه ربيع في بيته ومجلسه. رجل جلس يمدح الإخوان، وأن منهجهم كان سيصير على السنة وكانوا جادّين في تصحيح أنفسهم، ولكن عبدالناصر عجَّل بهم! ولم يتكلم ربيع كلمة واحدة! نعم، لأنه كان منهم طيلة شبابه، بل وينصح بكتبهم في شيخوخته حتى مقدمي المدينة، بل وبعدها - كما سيأتي! - قد يلبس عليك الشيطان، فيقول لك: لم يتكلم، لأنه لم يرد إهانة المتكلم في بيته، من باب إكرام الضيف! وأيُّ إهانة للضيف أعظم من أن تراه على باطل، وتسكتُ ولا تنصحه، بل يرى سكوتك نوع إقرار له؟! وما هذا هو الذي تعلمناه من رسول الله صلى الله عليه وسلم: (انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا .. تمنعه من الظلم، فتلك نُصرتك إياه) فسماها نصرة مع أنه يمنعه، و (من رأى منكم منكرًا فليغيِّره .. ) وما كان السلف الصالح رحمهم الله يفعلون مع أمثال هؤلاء! نعود إلى قصة ذلك المعيد: خرج الناس، وبقيتُ أنا وهو، فحدّثني بما كان من ذلك المدعو بـ (عبدالعزيز القاري)؛ أنه اتهمني، وقال عني: (هو
جاسوس!) وذكر المعيد أنه ردَّ عليه ردًّا عنيفًا، وطالبه بالدليل! فلم يأت بشيء! يذكّرني هذا - والشيء بالشيء يُذْكَر، والحديث ذو شجون - ما قاله ربيع فيَّ فيما بعدُ! قال: (هذا جاسوس، دسيسة، عميل للأمريكان أرسلوه للتفرقة بين السلفيين!) قيل له: اتق الله، يا شيخ؛ فأصرَّ! ويُذَكِّرني ذلك بما سأقصه عليك من قول هذا المعيد: (ليس منا) وصدقك وهو كذوب، فلستُ - ولله الحمد - منهم، وليسوا مني! نعود إلى قصة ذلك المعيد! بعد مُدَّة استهداني كتابي (عقيدة أبي حاتم وأبي زرعة رحمهما الله تعالى)، فأهديتُه، فلما رآني بعدها أثنى على الكتاب ولم يذكر عليه مأخذاً!، وقال لي: (تريد القاري لا يتكلم فيك وقد تكلمت في شيخه (أبي حنيفة!))، وذكر لي أنه كان يقرأ من كتبي وهو طالب! وصار أمر المعيد على هذا: يمدحني ويثني عليَّ أحسن الثناء في غيبتي، ولما سئل عن مسألة منع الترحم والإمامة للمبتدعة؛ قال: (هو على الحق، ونحن فينا لين) وأما ربيع فإن ثناءه الحسن عليَّ؛ بلغ فوق الحد، والشهود موجودون، فمن ذلك: قال: (محمود هذا مثل ذراعي، محمود مِنْ بقية أهل الحديث)، ولما جاء شاب من الإمارات يسعى في عمل مدرسة؛ قال له: (ما أشار به عليك محمود فاقبله، ولا تقبل أي أحد في المدرسة إلا بمشورته!) وشهد عليه اثنان أنه قال في درس له في المسجد المجاور لبيته في سنن اللالكائي رحمه الله تعالى: (لأخينا أبي عبدالله محمود الحداد كتاب جيد في العقيدة) وأوصاهم بقراءته! وقال لي بعد أن قال (القاري) على منبر مسجد قباء فيَّ ما قال، ونُشِرت خُطْبته بل خَطِيَّته باسم (الخلوف) قال لي ربيع ويده في يدي: (هذا الخبيث يريد أن يعمّي عن كتب أهل السنة؛ كلها فيها الطعن في شيخه) يعني أبا حنيفة! ثم قال ربيع بعد ذلك في شريط له باسم (العلم): (من يتكلم في أبي حنيفة فهو كاذب!!) وزكَّى رجلاً وأدخله بيتي، وجاء معه بنفسه ليزكيه؛ خاطبًا لابنتي، وهو جهيماني يدعو إلى نقض البيعة لأمير بلاده، وأنه لا بيعة! ولما ناقشتُ ذلك الرجل لم يتكلم ربيع إلا قليلاً! ولما حذَّر منه بعض المتعاونين مع الأمن هناك تحذيراً شديداً ونهى الناس عن مجالسته؛ اتصل ربيع على (عبداللطيف باشميل) - وهو ذلك المحذِّر - ليقول له: هل أنتم تاركوا لي صاحبي؟! ".
15 - …وقال: "اضطراب ربيع في أهل البدع القدامى والمعاصرين: فمرَّاتٍ يبدع ابن حجر والنووي، ومرَّاتٍ يدافع عنهم! حتى السرورية كما سترى تفصيله في موضع آخر. المهم أنه كلمني مرتين - وسماها استتابتين! - في ابن حجر (2) المرة الأولى: أبلغه الشباب أني أتكلم في ابن حجر، فطلب مني إحضار الجزء الثالث عشر من شرحه للصحيح، وقرأ عليَّ موضعاً مطولاً في الاستواء! ويؤسفني أن أذكر هذا، فإن رجلاً مثله كان يدرس الحديث والعقيدة وفي مدينة رسول الله صلى الله عليه و سلم يخفي عليه تمويه الأشاعرة؛ فإن ابن حجر نقل تفسير الاستواء بأنه العلو، ولكنه في الجزء الأول والسادس وغيرهما نفي علو المكان وجعله علو مرتبة ومكانة! وهو ينقل التفسير بأنه العلو المطلق على العرش! وهذه من تمويهات الأشاعرة على الجهّال مثل ربيع! فإنهم يعنون بهذا العلو المطلق نفي العلو المخصوص على العرش الذي قال فيه مالك وأئمة أهل السنة: (الاستواء معلوم، والكيف مجهول) ذلكم هو المفسَّر في لغة العرب وفطرة عوامهم قديمًا - لا حديثًا! - وألسنة علماء السنة وفي أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه القعود والجلوس (والكيف مجهول، والسؤال عنه بدعة)! ولذلك أجمع أهل السنة على أن من لم يؤمن بإقعاد الله تعالى نبيه محمدًا صلى الله عليه و سلم معه على العرش مقامًا محمودًا؛ من لم يؤمن بذلك فهو - عند أهل السنة - جهمي! وانظر السنة للخلاّل رحمه الله. ويُذَكّرني ذلك بما جرى للجامي، وهو مدرس عقيدة بجامعة المدينة! لما ذكروا له هذه المسألة وغيرها وكتب السنة للخلاّل وغيره؛ ليدرّسها في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بدل كتب الكلام والفلسفة التي ينشرها في هذا المسجد! فأنكر الجامي إنكارًا شديدًا على هذه الكتب وما فيها! وهو لا يعرفها، ولا فكّر في شرائها!، ولو قرأها لم يفهمها! ثم ليس بلاء ذلك ابن حجر؛ في مسألة الاستواء فقط! بل في معظم مسائل الصفات وغيرها! وهذا لا يخفى إلا على جاهل أو ضال! ومن اضطرابه (ربيع) في المعاصرين: مدحه لابن قطب ونصيحته بكتبه! ثم ما كتبه بعد ذلك فيه وكأنه لعَرَضٍ من الدنيا يصيبه! وذمه لأئمة القطبية السرورية في الجزيرة، ثم منعه تبديعهم وأنهم إخوانه!
__________
2 - يدعي ربيع هذا، وهو نفسه كان يزور بالطائف (العبدلي) الذي يجهر بتكفير ابن حجر، ويبتسم في وجهه، ويدخل بيته، ولا يتكلم عليه بحرف، وينصحه بعضهم ألا يزوره، فيصرّ! ألا قاتل الله هذا المجرم الأفاك.
ومدحه لابن باز، وذمه له في المجالس الخاصة، ومدحه لابن عثيمين، وقوله فيه (ستخرج رايات الشرك من نجد) أي: بسببه. ونعود إلى ما سماه هو استتابة لي من كلامي في ابن حجر وأمثاله؛ المرة الثانية: قال لي: دع ابن حجر والنووي والشوكاني ورشيد رضا: ولنتكلم كلنا في (سيد قطب!) قلت له: نتكلم عنهم جميعاً وعن كل مبتدع، والقاعدة في التبديع واحدة، وخطرهم كلهم شديد على أهل السنة، وعدم الكلام في واحدٍ منهم: يجعلنا كبني إسرائيل؛ إذا سرق فيهم الشريف تركوه، ويجعل لأهل البدع حُجَّة علينا، وقد سمعتَ بنفسك من قلتَ له: ابن قطب؛ فقال لك: وابن حجر؟! ولعلك قرأتَ كلام ذلك الخوثري المدعو بالسقّاف؛ قال: (كيف تبدعونني، وإنما أنا أقول بقول ابن حجر، وهو عندكم إمام؟!) ".
16 - …وقال: "وفي شعبان بعد شريط الألباني المشهور في (البدعة والمبتدعة)؛ لما سمعه ربيع؛ مباشرة اتصل عليَّ هاتفيًّا، وقال لي: (رُدَّ عليه حرفاً حرفاً رداً علمياً، ولا تقل: قال الألباني، ولكن قل: قال بعض الناس)! ثم اتصل بعد دقيقة! فقال: (لا تخبر أحدًا بأني قلتُ لك ذلك!!) ثم اتصل بي في رمضان الماضي سنة (1413) يستحثني، ويسألني عن الرد؛ هل انتهيتُ منه؟ فأخبرتُه أن شهر رمضان لا وقتَ فيه لمثل ذلك البحث، وأني لم أبدأ، فاستحثي! ثم جاءني بعض إخواننا، فدعوتُه، ودعوتُ المعيد وفالحاً وجماعة، وكان الحديث قبل الطعام وبعده ودياً، وكله عن خطر السرورية على السنة! وفي أواخر رمضان ذهب أخونا أبو عبيدة إلى بيت ربيع، ودار حوار شديد بينهما عن ابن حجر والنووي, وسكت ربيع بعد انقطاع حجته إلا من السب: (أنتم عيال) ولسكوته وانقطاع حجته؛ قال بعض الإخوة لي بعدها: لن يتكلم ربيع في هذه المسألة بعد ذلك؛ فقد أقيمت عليه الحجة! وكنتُ في شهر شوال في جُدَّة، فمررتُ على عبداللطيف وهو من خواصّ أصحاب ربيع والجامي وغيرهما، وله تعاون وثيق مع الأمن؛ علمتُه من كلامه فيما بعدُ، وأتينا المدينة في سيارة؛ معنا من يقال له (محمد العمري) وغيره، ونزلنا في بعض الطريق للطعام، فكلمني عبداللطيف في أن أكلم العمري في التخفيف من غلوائه ومدحه للنووي! ففعلت ُعلى ملأ من الحاضرين! وأصرَّ علىَّ عبداللطيف في المرور على ربيع؛ صباح الخميس، ولم أحب ذلك، ولكنه أصرَّ، فلما جمعنا المجلس الغاصّ بأهله؛ تكلم ربيع
كلاماً عجيباً في عدم تبديع السرورية، وكان مما قاله مما يخصني: (إذا لم تنته عن تبديع ابن حجر والنووي: فأنا أبدعك. وأقف بكل قوتي ضدك. وأؤلف فيك كتاباً). فقلت له: تبدعني أنا، وتدع تبديع السرورية؟! فقال بعنف: لماذا هم مبتدعون؟! فسردتُ له وجوهاً من بدعهم العظيمة من الإرجاء والخروج وغيرها - وقد تواتر عن ربيع وفالح والمعيد تبديع ابن حجر والنووي وأبي حنيفة في مجالس عديدة! وتواتر عنهم كذلك عدم تبديعهم في مجالس أخرى!! فلا أدري أيّ القولين يعتقدون، وبأيّ القول يتدينون، وبأي القولين يحبون أن يلقوا رب العالمين! - فالتفتَ إلى عبداللطيف، وقال له: لماذا هم مبتدعون عندك؟! قال عبداللطيف: من أربعة عشر وجهاً! وكلما سرد وجهاً؛ قال له ربيع: لا يكفي لتبديعهم! فقال له عبداللطيف: هم ليسوا عندك مبتدعة، ولا أهل سنة، فماذا هم عندك، منزلة بين المنزلتين؟ فقال ربيع مراراً: نعم، يا عبداللطيف، منزلة بين المنزلتين!! ثم صرخ: الألباني، لا تقوِّموا علينا الألباني، لا تتكلموا في الألباني! فصرخ فيه عبداللطيف أنه لابد من بيان ما عليه الألباني من ضلالات - وعبداللطيف ليس به من ضلالات الألباني ولا غيره؛ إلا ما يخص استتباب الأمن، والرد على القطبية! وكذلك ربيع سبب تخصصه في ابن قطب هو الرد على القطبيين خوارج الجزيرة؛ لينال عَرَضًا من الدنيا، وليس به نشر للسنة، والأدلة على ذلك كثيرة جدًّا، ويخطىء مَنْ اصطنع هؤلاء؛ أو ظن أن الأمن بالردّ على الخوارج وحدهم، فكل أهل البدع خوارج؛ كما قال أهل السنة - وصرخ ربيع: لنتكلم كلنا في ابن قطب؛ ثم قال: هذا (محمود) وعدني أن يساعدني في كتابي عن ابن قطب ولم يساعدني! والسرورية أتباعهم يخرِّجون لهم كتبهم! فعاب عليه مَنْ في المجلس؛ أنه لا ينبغي لمثله أن يقول هذه المقالة! وكان ربيع قد ذكر لي عزمه على الكتابة عن ابن قطب، فوعدتُه بالمساعدة، وأحضرت له شاباً من طلبة الجامعة مستعداً لمساعدته في أي وقت، وأي عمل يريده في الكتاب! وأعطاني حديثاً لأخرِّجه له، فلم أفعل لأشياء كثيرة منها الكذب؛ حينما يؤخذ تخريجي وينسب لغيري! ومنها أنه يريده لتقوية بدعة هو عليها! فهذه ثلاثة أسباب جعلت (ربيع) يحاربني: علمه بعزمي الرد على الألباني؛ معصيتي له لما أمرني بالسكوت على المبتدعة؛ عدم معاونتي له في تخريج كتبه، وزِدْ عليها سببين: إصراري على تبديع السرورية، ورؤيته عدم ذلك! شيء لا يخفى على مَنْ نظر، وهو انصراف كثير من
الشباب عن الإتيان إليه! وما صرفتُ أحداً عنه ولا عن غيره، ولا أحببتُ - والله الذي لا إله إلا هو - كثرة الزوار! وما لهم لا ينصرفون عنه، ولم يجدوا عنده إلا الصياح والشغب بلا علم ولا طلب! وكنتُ عنده ذات مرَّة وشاب جزائري يقرأ عليه من صحيح البخاري، ولا يتكلم ربيع بحرف، لكأنَّ الشاب إنما يقرأ ليأخذ إسنادًا! وإذا سأل الشاب عن أحد الرواة قال له: انظر التقريب!! نعود إلى قصتنا: وجد ربيع أنني حجر عثرة في طريق زعامته! وأن ما أقوله أنا ينسبه من لا يدري إلى ربيع؛ ظنًّا منه أنه ليس بالمدينة إلا ربيع وعياله! أو ينسبونني إلى أني من تلاميذه! كيف وأنا أعرف السنّة - ولله الحمد - قبله حينما كان غارقًا في قطبيته! وقد رأيتَ أني لستُ تلميذًا لأحد! ولا أرضى أن يكون ربيع من تلاميذي! وهو الذي جنى على نفسه هذه الجناية؛ حينما أصرَّ عليَّ أن أجيء إليه! فقد بدأ ربيع من ذلك اليوم حملةً استباح فيها الطعن في عِرْضي بكل ما يمكنه: بالجهل والضلال، واستمرَّ على ذلك شهوراً، حتى قال لبعض إخواننا: (هذا أجنبي وسوف أدذ! (أدفع) فالحاً ليسفِّره!!) ففالح له صلات وثيقة، وهو يد ربيع التي يخيف بها أعداءه! فأنكر بعض جلساء ربيع على ربيع هذه العنصرية التي أنكرها ربيع نفسه قبل أيام من ذلك الكلام! حينما حكى قصة رجلٍ عيَّر ربيعًا بأنه جيزاني! فردَّ عليه ربيع بأن هذه جاهلية! وبعد الحج جاءني بعض الشباب ناصحاً: (طارت الإشاعات بين الشباب أن فالحاً وربيعاً يسعيان لتسفير فلان) فاتصلتُ على فالح في بيته لأستطلع ذلك! فكلمني بتجهمٍ كأنه لا يعرفني، بل قال: (أنا لا أعرفك) يعني بالسنة! وأن (السلطة الشرعية) لا يرضيها ما تصنعه!! فقلت له: وماذا أصنع، وأنا في السمع والطاعة؟! قال: تفريق الشباب! قلت له: ما دَعَوْتُ أحدًا إليَّ، بل كل من يعرفني يعرف أنني لا أحب مجيء أحدٍ إليَّ، وسأَدَعُ الشباب لكم، ولن يدخل بيتي إلا أصدقائي وخواصي فقط! فقال: أحسنتَ! المدينة مليئة بالمشايخ، وقد كُفِيتَ، لكن ينبغي أن تزور المشايخ: ربيعاً وغيره! قلت: قد زرتُ ربيعاً سنتين رغمًا عني، ثم الآن يصنع بي ما الله حسيبه فيه، وأنت تعرفني منذ زمنٍ وهأنتذا تقول ما تقول! قال: تبدِّع ابن حجر! ألم تسمع كلام الفقيهي يقول: هو سلفي؟! قلت: هو أشعري، وأكثر مدَّعي العلم الآن يقولون ذلك! وكان فالح قد صرح أن المشايخ لا يرضون كلام الفقيهي!! وكان هو وربيع - والشهود موجودون - يجاهرون بتبديع ابن حجر
والنووي في المجالس!! وعبداللطيف وهو من خواص أصحاب فالح يشهد بذلك! وغيره كثير!! وطرأ عليهم ما حوَّلهم عن ذلك، والإنكار على من يفعله، حتى لقد انتهوا عن تبديع السرورية!! بل قالوا: أبناؤنا وإخواننا! واستدعى ربيع بعض إخواننا في المحرم، فشهدوا عليه في هذا المجلس ومجلسين بعده؛ أنه قال: (السلفيون من أمريكا للبنغال يسمعون كلامي!) فهذه هي العلة التي وراء هذه القصة كلها! معصية أمير السلفيين في العالم كله".
قلت:…لا يعرف الشوق إلا من يكابده **** ولا الصبابة إلا من يعانيها
سادساً: أما فالح فقد زكاه ربيع، وذكر أن له راية لم تسقط، وأنه من القوامين على المنهج السلفي، ومن أعلم الناس به، وزكاه ابن باز وغيره؛ فإن قيل: جرحه ربيع في الأخير؛ قلنا جرحه مردود، والحق في الخلاف الذي جرى بينهما؛ أغلبه مع فالح، وهو - على ضلاله - أقرب للسنة وألصق بها من ربيع، وهذه ليست تزكية له؛ بل لبيان أن بدعته أخف بكثير من بدعة ربيع.
واقرأ هذه الرسالة:
بسم الله الرحمن الرحيم؛ إلى حضرة الأخ في الله فضيلة الشيخ الدكتور ربيع بن هادي عمير المدخلي حفظه الله وبارك الله له في علمه وعمره وعمله؛ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد: فيا فضيلة الشيخ: لقد كان لكم جهود مباركة مشكورة في خدمة السنة النبوية، والذب عن حياضها، وحماية جنابها، وجناب أهلها إلى جانب إخوانكم من أهل العلم والفضل في هذا البلد المبارك الذي أسس على التوحيد والسنة، ومن أولئك الذين كانوا ردءاً لكم وكنتم لهم كذلك: أخوكم الشيخ فالح بن نافع الحربي، ولقد كان بينكما من الألفة، والأخوة، والمحبة؛ ما عرفه الخاص والعام، وكنا طامعين في دوام ذلك واستمراره لما فيه من اجتماع الكلمة على السنة ونصرة الحق وأهله؛ إلا أنه قد حصل بينكما خلاف على بعض المسائل استحال من بعض الأقلام إلى سيل عارم من السباب والشتائم والاتهام بمخالفة أصول أهل السنة والجماعة؛ مما أدى إلى تفرق السلفيين وتصدع صفهم إلا من رحم الله؛ يدرك ذلك من تابعه من خلال الموقعين: (سحاب) و (الأثري) وهذه النتيجة السيئة نعتقد أنكما بريئان منها ولا ترضيانها. وبعد نظرنا فيما استدركه فضيلتكم على فضيلة أخيكم وبعض ما نشر عنكم في شبكة سحاب ودراسة ذلك؛ أحببنا الكتابة إليكم بمرئياتنا؛ لما عرفناه عنكم من سعة الصدر وقبول النصح:
أولاً: قولكم في (مناقشة فالح في قضية التقليد ص2): (فجره هذا التأصيل إلى القول بوجوب تقليد العلماء، وعدم سؤالهم عن الحجة) وكلام آخر لكم في أثناء النصائح يفهم منه؛ أن الشيخ فالحاً يدعو إلى التقليد بدون تفصيل، والذي نعرفه:
أن الشيخ فالحاً لا يدعو إلى التقليد بدون تفصيل؛ بل هو على ما قرره العلماء في هذا الباب، وهو جواز التقليد عند الحاجة سواء سمي (اتباعاً) أو سمي (تقليداً)؛ فهما إطلاقان عند العلماء، والخلاف لفظي.
إذا وجد في عبارة الشيخ فالح ما يوهم الدعوة إلى التقليد مطلقاً؛ فالواجب تصحيح العبارة، وتنبيهه إلى ذلك من غير أن يجعل ذلك أصلاً له، وهو على خلافه - كما نعلمه عنه - وكم من عالم يقع في عبارته إيهام أو زلل ولا يشنع عليه العلماء بذلك؛ بل يرشدونه إلى تصحيح العبارة وإصلاحها، ولا يعدون ذلك أصلاً له وهم يعرفون حاله.
ثانياً: قلتم - بارك الله فيكم - في (لفتات إلى أخطاء صدرت من الأخ الكريم الشيخ فالح ص37) تعليقاً على جوابه على سؤال السائل في مسألة جنس العمل: (كان ينبغي أن تنصحهم بعدم الخوض في جنس العمل؛ لأنه أمر لم يخض فيه السلف فيما أعلم).
نقول:
قد تكلم العلماء من السلف في هذه المسألة، ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية، والشيخ ابن باز، والشيخ ابن عثيمين رحمهم الله، والشيخ صالح الفوزان حفظه الله وغيرهم، وكلامهم واضح في هذه المسألة.
قلتم: (فيما أعلم) وهذا جيد إذ لم تجزموا بالنفي؛ لكن كان ينبغي التريث في المسألة، وعدم التشنيع على أخيكم بذلك؛ حتى يظهر لكم مخالفة قوله لما قرره العلماء.
قول الشيخ فالح في جوابه: (لا شك أنه قد وافق المرجئة] أي الألباني [لكن ينبغي النظر على حقيقته وإلى ما يعتقده ويعمله). الشيخ قد احتاط للمسئول عنه حيث لم يحكم على عينه بالإرجاء، أما موافقته للمرجئة في هذا القول من حيث العموم؛ فهو الذي يظهر لنا وذلك؛ لأن الإيمان عند أهل السنة قول وعمل واعتقاد؛ لا بد من ثلاثة الأمور، ومن لم يكفر تارك جنس العمل لم يكن العمل عنده من حقيقةالإيمان، وهذا وجه موافقته للمرجئة؛ إذ لو كان العمل عنده من الإيمان لكفره.
ثالثاً: قلتم - وفقكم الله - في (اللفتات ص32): (وأضيف: أليس المشركون أنفسهم قد اقترحوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أموراً يوم صلح الحديبية للتنازل عنها؛ فلأجل المصالح والمفاسد التي راعاها استجاب لهم فيها، وهي من الأصول) وناقشتم أمثلة منها: ترك كتابة: (بسم الله الرحمن الرحيم) وترك كتابة: (محمد رسول الله) وصلاة الصحابة رضي الله عنهم خلف عثمان رضي الله عنه إتماماً، وترك القصر .. إلخ، وجعلتم تركها من باب ترك الأصول.
ونقول:
لا وجه لتشنيعكم على أخيكم في هذا؛ لأن تنازله صلى الله عليه وسلم إنما هو عن كتابة (الرحمن الرحيم) و (رسول الله) فهو لم يتنازل عن الإيمان بأن الرحمن والرحيم اسمان لله تبارك وتعالى دالان على صفة عظيمة له وهي الرحمة، ولا عن الرسالة؛ بل صدع بذلك في وجوههم حيث قال: (والله إني لرسول الله وإن كذبتموني) ومعلوم لديكم الفرق بين التنازل عن الكتابة، والتنازل عن الرسالة، والإيمان بأسماء الله وصفاته، وصلاة الصحابة أربعاً، وترك القصر خلف عثمان رضي الله عن الجميع؛ إنما هو ترك سنة من أجل الحفاظ على الجماعة، ونبذ الفرقة والاختلاف، وليس ترك أصل، وكلام أهل العلم مشهور في هذه المسائل.
قولكم: (استجاب لهم فيها وهي من الأصول): نرى أنه غير لائق؛ لأنه يفهم منه جواز التنازل عن الأصول في حال الاختيار، ومعلوم أن الأصول لا يحل تركها إلا في حال الإكراه بشرط بقاء طمأنينة القلب بالإيمان؛ كما قال تعالى: {إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانَ {.
ما تركت هذه الأمور من أجله - وهو مراعاة جلب المصالح ودرء المفاسد - أصل من أصول أهل السنة؛ لا يخالفكم فيه الشيخ فالح ولا غيره, فما وجه التشنيع إذن؟
رابعاً: قلتم - حفظكم الله - في (اللفتات ص 38): (لكن لم يظهر لي قولك عن الخوارج أنهم أولى بهذاالوصف - أي الإرجاء - وأنت تعلم أن المسائل العلمية يجب أن تقرر على أوجهها الصحيحة المطابقة للواقع تجنباً للطلاب من الخلط والخبط فيها).
نقول:
نقل عن الإمام أحمد رحمه الله القول: بأن الخوارج هم المرجئة؛ فما كان ينبغي التشنيع على أخيكم في هذه المسألة، وسلفه الإمام أحمد رحمه الله، ولا نعلم أن أحداً أنكر على الإمام أحمد هذا أو استشكله.

ليس في المسألة مخالفة للأوجه الصحيحة، ولا خبط، ولا خلط فيها؛ لأن هناك قواسم مشتركة بين الخوارج والمرجئة لا تخفى على أمثالكم.
خامساً: شنعتم على أخيكم ما قيل فيه من الغلو؛ مع أنه تبرأ منه بتاريخ 6/ 6/1424هـ عبر الإنترنت، ومرة أخرى بتاريخ 25/ 1/1425ه فكيف تحملون أخاكم تبعة ما تبرأ منه؟ ونلفت نظركم إلى أنه قد وقع فيكم من الغلو ما لا يرضاه فضيلتكم، ومن ذلك قول القائل:
جعلتم فداء أجمعين لنعله **** فإنكم منها أذل وأحقر
وقال آخر:
ربيع ليس يشبهه ربيع **** وتعجز إن أردت مثيلاً
وأخيراً:
فنظراً لحرصي على الاجتماع، ونبذ الفرقة - حيث إنكم جماعة المسلمين - واتهاماً لرأيي أمام رأي سماحتكم؛ فها أنذا أبدع الحداد والحجي؛ لكن بشرط أن تبدعوا ربيعاً والألباني، ومن باب أولى النووي وابن حجر!!
لأنه إن كان من لم يقع في بدعة بدعتموه!
فكيف لا تبدعون من وقع فيها؟!
أَعمى يَقودُ بَصيراً لا أَبا لَكُمُ **** قَد ضَلَّ مَن كانَتِ العُميانُ تَهديهِ

0 التعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.